بسمع قلبه وفهم روحه.
(ومن ذلك) أي، ومما يشتمل عليه الصلاة من الأسرار (أن الوجود لما كان عن حركة معقولة نقلت العالم من العدم) الإضافي (إلى الوجود) الخارجي (عمت الصلاة جميع الحركات. وهي ثلاث:
حركة مستقيمة، وهي حال قيام المصلى، وحركة أفقية، وهي حال ركوع المصلى، وحركة منكوسة، وهي حال سجوده.
فحركة الإنسان مستقيمة، وحركة الحيوان أفقية، وحركة النبات منكوسة (22) و ليس للجماد حركة محسوسة من ذاته: فإذا تحرك حجر، فإنما يتحرك بغيره.) لما كان الإنسان متحركا بحركة طبيعية عند نموه إلى جهة العلو، وحركة الحيوان إلى الأفق، أي جهة رأسه، وحركة النبات إلى السفل، فإن رأسه هو الأصل الذي في الأرض، جعل حركة الإنسان مستقيمة، وحركة الحيوان أفقية، وحركة النبات منكوسة، وإن كانت حركة النبات من وجه آخر إلى السماء مستقيمة، وحركة الانسان والحيوان عند الإرادة قد تكون دورية.
(وأما قوله: (وجعلت قرة عيني في الصلاة). - ولم ينسب الجعل إلى نفسه - فإن تجلى الحق للمصلى إنما هو راجع إليه تعالى، لا إلى المصلى) لأنه من عنايته الأزلية في حق بعض عباده، وما يرجع إلى العبد فيه هو الاستعداد. وذلك أيضا راجع إلى الله تعالى وفيضه الأقدس. كما مر في الفص الأول.
(فإنه لو لم يذكر هذه الصفة عن نفسه، لأمره بالصلاة على غير تجلى منه له.) أي، فإن الحق سبحانه لو لم يخبر عن نفسه بلسان نبيه، صلى الله عليه وسلم، بأنه يقر عينه في الصلاة بالمشاهدة ولم يكن له ذلك، لكان أمر الله بالصلاة واقعا مع عدم التجلي من الله لنبيه، عليه السلام، لأن الصلاة مما فرضه الله على عباده، فهي واجبة على العبد، والتجلي منه ليس بواجب، بل موقوف على عنايته تعالى.
(فلما كان منه ذلك بطريق الامتنان، كانت المشاهدة بطريق الامتنان. فقال:
(وجعلت قرة عيني في الصلاة).) أي، فلما حصل ذلك التجلي من الله لنبيه على