شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ١١٨٦
أي، لأن الصلاة مناجاة. كما قال صلى الله عليه وسلم: (المصلى يناجى ربه ما دام في الصلاة، فهو في المناجاة). ولما كانت مستلزمة للذكر من الطرفين، استشهد بقوله تعالى: (فاذكروني أذكركم).
(وهي) أي، الصلاة (عبادة مقسومة بين الله وبين عبده بنصفين: فنصفها لله، ونصفها للعبد، كما ورد في الخبر الصحيح عن الله تعالى أنه قال: (قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين: فنصفها لي ونصفها لعبدي ولعبدي ما سأل. يقول العبد:
(بسم الله الرحمن الرحيم) يقول الله: ذكرني عبدي. يقول العبد: الحمد لله رب العالمين يقول الله حمدني عبدي. يقول العبد الرحمن الرحيم. يقول الله تعالى: أثنى على عبدي.
يقول العبد: (مالك يوم الدين) يقول الله: مجدني عبدي، فوض إلى عبدي. فهذا النصف كله له تعالى خالص. ثم يقول العبد: (إياك نعبد وإياك نستعين) يقول الله:
هذه بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل. فأوقع الاشتراك في هذه الآية. يقول العبد:
(إهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين) يقول الله تعالى: فهؤلاء لعبدي، ولعبدي ما سأل. فخلص هؤلاء لعبده كما خلص الأول له تعالى. فعلم من هذا وجوب قراءة (الحمد لله رب العالمين). فمن لم يقرأها، فما صلى الصلاة المقسومة بين الله وبين عبده.) كما قال، صلى الله عليه و سلم: (لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب). ولزم من هذا الحديث أيضا (الفردية).
فإن القسم الأول خالص لله، والثاني مشترك بين العبد وبين الله، والثالث خالص للعبد. ولزم أيضا إن البسملة من (الفاتحة).
(ولما كانت) الصلاة (مناجاة، فهي ذكر، ومن ذكر الحق فقد جالس الحق و جالسه الحق. فإنه صح في الخبر الإلهي أنه تعالى قال: (أنا جليس من ذكرني). ومن جالس من ذكره وهو ذو بصر) كقوله: (فبصرك اليوم حديد) (رأى جليسه.
فهذه) أي، الصلاة (مشاهدة ورؤية) أي، يحصل للمصلى الشهود الروحي والرؤية العينية في مواد الأعيان الموجودة الروحانية والجسمانية.
(فإن لم يكن ذا بصر) وعرفان أنه هو المتجلي لكل شئ وهو المتجلي عن كل شئ. (لم يره. فمن هناك يعلم المصلى رتبته: هل يرى الحق هذه الرؤية) العيانية
(١١٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1181 1182 1183 1184 1185 1186 1187 1188 1189 1190 1191 ... » »»