شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ١١٨١
(فلا يبقى فيمن حوى عليه العرش من لا تصيبه الرحمة الإلهية. وهو قوله تعالى:) أي، وهذا المعنى المذكور في قوله تعالى: ((ورحمتي وسعت كل شئ).) أي، فليس في كل ما يحيط به هذا الاسم الرحماني ومظهره الذي هو العرش من الموجودات من لا تصيبه الرحمة الرحمانية. وهي كالوجود والرزق وأمثالهما من النعم العامة الظاهرة والباطنة. لذلك قال تعالى: (ورحمتي وسعت كل شئ).
ولما كان العرش محيطا بكل ما فيه من الموجودات - كما قد مر أن العرش الروحاني الذي هو العقل الأول محيط بجميع الحقائق الروحانية والجسمانية والعرش الجسماني محيط بجميع الأجسام - قال: (والعرش وسع كل شئ).
وقوله: (والمستوى (الرحمن)) إشارة إلى قوله تعالى: (الرحمن على العرش استوى) أي، الحاكم والمستولي على العرش من الأسماء هو الاسم (الرحمن)، والعرش مظهره الذي منه وبه يفيض على ما تحته من الموجودات، فإن الأسماء من حيث إنها نسب الذات لا تصير مصدرا للأنوار الفائضة منها إلا بمظاهرها الروحانية، ثم الجسمانية.
(فبحقيقته يكون سريان الرحمة في العالم) أي، بحقيقة هذا الاسم الرحماني يحصل سريان الرحمة في العالم، وهي ما يمتاز الاسم به عن غيره. وإن شئت قلت: وبحقيقة العرش يكون هذا السريان في العالم. وهي العين الثابتة التي ظهر بها الرحمن في العالم، كما ظهر بالعقل الأول في عالم الأرواح، وبالفلك الأطلس في عالم الأجسام، فإن الظاهر والمظهر بحسب الوجود واحد.
(كما بيناه في غير موضع من هذا الكتاب ومن الفتوح المكي.) من أن حقيقة الاسم هو ما يمتاز به عن غيره، وهي الصفة، فإن الذات مشتركة في الكل. و حقيقة الرحمة الرحمانية التي هي الرحمة الذاتية يقتضى الرحمة الصفاتية التي تظهر في المظاهر العينية بسريانها فيها سريان الرحمة في العالم.
(وقد جعل الطيب الحق تعالى في هذا الالتحام النكاحي) الواقع بين الرجل والمرأة، وجعل الطيب (في براءة عائشة، فقال: (الخبيثات للخبيثين والخبيثون
(١١٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1176 1177 1178 1179 1180 1181 1182 1183 1184 1185 1186 ... » »»