شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ١١٧٥
ذلك الحب من الله، فأعطاه إياه.
(وإنما قدم النساء، لأنهن محل الانفعال، كما تقدمت الطبيعة على من وجد منها بالصورة.) أي، تقديم النساء في الحديث إشارة إلى تقدم مرتبتهن، لأنهن محل الانفعال، ولا بد أن يتقدم القابل على المقبول، كما يتقدم الفاعل على مفعوله.
(وليست الطبيعة على الحقيقة إلا النفس الرحماني، فإنه فيه انفتحت صور العالم، أعلاه وأسفله، لسريان النفخة في الجوهر الهيولاني في عالم الأجرام خاصة.) قد مر في (الفص العيسوي) أن الطبيعة نسبتها إلى النفس الرحماني نسبة الصورة النوعية التي للشئ إليه.
فقوله: (على الحقيقة) إشارة إلى أن العقل وإن كان يميز بين الشئ وبين صورته النوعية، لكنها في الحقيقة عين ذلك الشئ.
وقوله: (فإنه فيه) أي في النفس انفتحت صور العالم، أي عالم الأجسام أعلاه وأسفله، تعليل ذلك. أي، فإن الصور النوعية التي للعالم الجسماني موجودة في النفس. وهي كأفراد مطلق الطبيعة الكلية. وقد بان أن الصور النوعية التي للشئ عين ذلك الشئ في الوجود، فالطبيعة الكلية عن النفس الرحماني.
وقوله: (السريان النفخة) تعليل لقوله: (فإنه فيه انفتحت صور العالم.) أي، وذلك لسريان النفخة الإلهية في الجوهر الهيولاني الذي هو القابل لصور الأجسام خاصة.
وإنما قيدنا العالم بعالم الأجسام، وإن كان عالم الأرواح أيضا صورا منتفخة في النفس الرحماني، لقوله: (وأما سريانها لوجود الأرواح النورية والأعراض، فذلك سريان آخر.) أي، وأما سريان الطبيعة في وجود الأرواح النورية التي هي المجردات وفي الأعراض، فذلك سريان آخر. وذلك لأن سريان النفس في الجواهر الروحانية كلها بواسطة سريان الطبيعة الجوهرية فيها، لا بواسطة الهيولى الجسمية، وفي الأعراض بواسطة الطبيعة العرضية التي هي مظهر التجلي
(١١٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1170 1171 1172 1173 1174 1175 1176 1177 1178 1179 1180 ... » »»