بداية الحكمة - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ٩٠
الفصل الثاني [في أقسام الجوهر (1)] قسموا الجوهر - تقسيما أوليا - إلى خمسة أقسام: المادة والصورة والجسم والنفس والعقل (2). ومستند هذا التقسيم في الحقيقة استقراء ما قام على وجوده البرهان من الجواهر.
فالعقل هو: " الجوهر المجرد عن المادة ذاتا وفعلا "، والنفس هي: " الجوهر المجرد عن المادة ذاتا المتعلق بها فعلا "، والمادة هي: " الجوهر الحامل للقوة "، والصورة الجسمية هي: " الجوهر المفيد لفعلية المادة من حيث الامتدادات الثلاثة "، والجسم هو: " الجوهر الممتد في جهاته الثلاث ".
ودخول الصورة الجسمية في التقسيم دخول بالعرض، لأن الصورة هي الفصل مأخوذا بشرط لا، وفصول الجواهر غير مندرجة تحت مقولة الجوهر، وإن صدق عليها الجوهر كما عرفت في بحث الماهية (3)، ويجري نظير الكلام في النفس (4).

(١) قدم البحث عن الجوهر على البحث عن العرض تبعا للمحقق الطوسي. والوجه في ذلك - كما قال القوشجي في شرحه للتجريد: ١٣٧ - أن وجود العرض متوقف على وجود الجوهر، فالجوهر مقدم بالطبع على العرض، فتقدمه بالذكر مناسب لتقدمه بالطبع.
ومنهم من قدم البحث عن العرض على البحث عن الجوهر، كفخر الدين الرازي في المباحث المشرقية ١: ١٣٦. وتبعه صدر المتألهين في الأسفار وقال: " إن الترتيب الطبيعي وإن استدعى تقديم مباحث الجواهر وأقسامها على مباحث الأعراض، لكن أخرنا البحث عن الجواهر لوجهين: (أحدهما) أن أكثر أحوالها لا يبرهن إلا بأصول مقررة في احكام الأعراض. و (ثانيهما) أن معرفتها شديدة المناسبة لأن يقع في العلم الإلهي وعلم المفارقات الباحث عن ذوات الأشياء وأعيانها دون أن يقع في الفلسفة الباحثة عن الكليات والمفهومات العامة وأقسامها الأولية "، راجع الأسفار ٤: ٢.
(٢) راجع الفصل الأول من المقالة الثانية من إلهيات الشفاء، وتعليقة صدر المتألهين عليه:
٤٧، وشرح الهداية الأثيرية لصدر المتألهين: 261، والأسفار 4: 234، وشرح حكمة العين: 212.
(3) الفصل الخامس من المرحلة الخامسة.
(4) لأن النفس، فيما له نفس، صورة للنوع الجوهري، وفصول الجواهر ليست مندرجة تحت مقولة الجوهر. - منه (رحمه الله) -.
(٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 84 85 86 88 89 90 91 92 93 94 95 ... » »»