بداية الحكمة - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ٩٢
غير وقوف، فإن ورود القسمة لا يعدم الحجم، ونسب إلى الحكماء (1).
الثالث: أنه مجموعة أجزاء صغار صلبة لا تخلو من حجم، تقبل القسمة الوهمية والعقلية، دون الخارجية (2)، ونسب إلى ذي مقراطيس (3).
الرابع: أنه مؤلف من أجزاء لا تتجزأ، لا خارجا ولا وهما ولا عقلا، وإنما تقبل الإشارة الحسية، وهي متناهية ذوات فواصل في الجسم، تمر الآلة القطاعة من مواضع الفصل، ونسب إلى جمهور المتكلمين (4).
الخامس: تأليف الجسم منها - كما في القول الرابع - إلا أنها غير متناهية (5).

(١) هذا قول أرسطو وأصحابه ومن يحذو حذوهم من حكماء الاسلام كالشيخين أبي نصر الفارابي وأبي علي ابن سينا. كذا في الأسفار ٥: ١٧، وشوارق الإلهام ٢: ٢٨٦.
(٢) لصغرها وصلابتها.
(٣) نسب إليه في شرح المقاصد ١: ٢٩٢، والمباحث المشرقية ٢: ١٠، والأسفار ٥: ١٧، وشرح المنظومة: ٢٠٩. ونسب إليه وإلى أصحابه في شرح حكمة العين: ٢١٥، وايضاح المقاصد:
٢٤٦.
(٤) ومنهم أبو الهذيل العلاف والجبائي ومعمر بن عباد وهشام الفوطي، كما في مقالات الإسلاميين ٢: ١٣ - ١٤، ومذاهب الإسلاميين ١: ١٨٢. ونسب إلى جمهور المتكلمين في شرح حكمة العين: ٢١٥، وايضاح المقاصد: ٢٤٦، والمباحث المشرقية ٢: ٨، والأربعين ٢: ٣، والأسفار ٥: ١٦، وشرح المنظومة: ٢٠٩. وذهب إليه أيضا ابن ميثم البحراني في قواعد المرام: ٥١ - ٥٦.
(٥) هذا القول منسوب إلى النظام، كما في مقالات الإسلاميين ٢: ١٦، والتبصير في الدين: ٧١، ومذاهب الإسلاميين ١: ٢٢٣، والانتصار: ٣٣. ونسب إليه وإلى القدماء من متكلمي المعتزلة في شرح حكمة العين: ٢١٥. وقال العلامة في ايضاح المقاصد: ٢٤٩: " هو مذهب المتكلمين ومذهب جماعة من الأوائل ". وقال الفخر الرازي في المباحث المشرقية ٢: ٩:
" فهو مذهب النظام ومن الأوائل انكسافراطيس ".
وفي المقام ثلاثة أقوال أخر:
الأول: أنه جوهر بسيط هو الاتصال والامتداد الجوهري الذي يقبل القسمة خارجا ووهما وعقلا.
وهذا القول منسوب إلى أفلاطون. قال صدر المتألهين: " وهو رأي أفلاطون الإلهي ومذهب شيعته المشهورين بالرواقيين ومن يحذو حذوهم وسلك مناهجهم كالشيخ الشهيد والحكيم السعيد شهاب الدين يحيى السهروردي في كتاب حكمة الإشراق "، راجع الأسفار ٥: ١٧.
وذهب إليه الشيخ الإشراقي في حكمة الإشراق: ٨٠ و ٨٨.
ونسبه أيضا الحكيم المؤسس آقا علي المدرس إلى أفلاطون والشيخ الإشراقي. راجع ما علقه على شرح الهداية الأثيرية لصدر المتألهين: 24.
وذهب إليه أيضا المحقق الطوسي وأبو البركات البغدادي، راجع كشف المراد: 150، والمعتبر 3: 195.
الثاني: أنه مركب من جوهر وعرض، وهما الجوهر والجسمية التعليمية التي هي امتداد كمي في الجهات الثلاث.
هذا ما ذهب إليه الشيخ الإشراقي في كتاب التلويحات: 14.
لا يقال: الظاهر أن بين كلاميه تناقضا، حيث حكم ببساطة الجسم وجوهرية المقدار في حكمة الإشراق: 80 و 88، وحكم بتركب الجسم وعرضية المقدار في التلويحات: 14.
لأنا نقول: قال صدر المتألهين: " لكن الشارحين لكلامه مثل محمد الشهرزوري صاحب تاريخ الحكماء وابن كمونة شارحي التلويحات والعلامة الشيرازي شارح حكمة الإشراق كلهم اتفقوا على عدم المنافاة بين ما في الكتابين في المقصود، قائلين أن الفرق يرجع إلى تفاوت اصطلاحيه فيهما، ويتحقق ذلك بأن في الشمعة حين تبدل أشكاله مقدارين: 1 - ثابت: وهو جوهر لا يزيد ولا ينقص بتوارد الأشكال عليه. 2 - متغير: وهو ذهاب المقادير في الجوانب، وهو عرض في المقدار الذي هو جوهر، ومجموعهما هو الجسم، والجوهر منهما هو الهيولى على مصطلح التلويحات، وذلك الامتداد الجوهري هو الجسم على مصطلح حكمة الإشراق، وهو الذي يسمى - بالنسبة إلى الهيئات والأنواع المحصلة - الهيولى. فلا مناقضة بين حكمه ببساطة الجسم وجوهرية المقدار في أحد الكتابين وحكمه بتركب الجسم وعرضية المقدار في الآخر، فإن ذلك الجسم والامتداد غير هذا الجسم والامتداد، فتوهم المناقضة انما طرأ من اشتراك اللفظ " انتهى كلامه في الأسفار 5: 17 - 18.
الثالث: أن الجسم مؤلف من محض الأعراض من الألوان والطعوم والروائح وغير ذلك.
وهذا القول منسوب إلى الحسين النجار وضرار بن عمر من المعتزلة. راجع الفرق بين الفرق: 156 و 160، ومقالات الإسلاميين 2: 6 - 7 و 15 - 16.
(٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 86 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 ... » »»