بداية الحكمة - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ٩١
الفصل الثالث في الجسم لا ريب أن هناك أجساما مختلفة تشترك في أصل الجسمية التي هي الجوهر الممتد في الجهات الثلاث، فالجسم بما هو جسم قابل للانقسام في جهاته المفروضة، وله وحدة اتصالية عند الحس. فهل هو متصل واحد في الحقيقة كما هو عند الحس أو مجموعة أجزاء ذات فواصل على خلاف ما عند الحس؟
وعلى الأول، فهل الأقسام التي له بالقوة متناهية، أو غير متناهية؟ وعلى الثاني، فهل الأقسام التي هي بالفعل - وهي التي انتهى التجزي إليها - لا تقبل الانقسام خارجا، لكن تقبله وهما وعقلا، لكونها أجساما صغارا ذوات حجم، أو أنها لا تقبل الانقسام لا خارجا ولا وهما ولا عقلا، لعدم اشتمالها على حجم، وإنما تقبل الإشارة الحسية، وهي متناهية أو غير متناهية؟ ولكل من الشقوق المذكورة قائل.
فالأقوال خمسة (1).
الأول: أن الجسم متصل واحد بحسب الحقيقة، كما هو عند الحس، وله أجزاء بالقوة متناهية، ونسب إلى الشهرستاني (2).
الثاني: أنه متصل حقيقة كما هو متصل حسا، وهو منقسم انقسامات غير متناهية - بمعنى لا يقف -، أي إنه يقبل الانقسام الخارجي بقطع أو باختلاف عرضين ونحوه، حتى إذا لم يعمل الآلات القطاعة في تقسيمه لصغره، قسمه الوهم، حتى إذا عجز عن تصوره لصغره البالغ، حكم العقل كليا بأنه كلما قسم إلى أجزاء كان الجزء الحاصل - لكونه ذا حجم، له طرف غير طرف - يقبل القسمة من

(١) بل سبعة كما في نهاية الحكمة: ١١٩ - 121. أو ثمانية كما يأتي.
(2) نسب إليه في إيضاح المقاصد: 249، والأسفار 5: 17، وشرح المنظومة: 209، وشرح التجريد للقوشجي: 143. ونسب إليه وإلى فخر الدين الرازي في شرح حكمة العين: 215.
(٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 85 86 88 89 90 91 92 93 94 95 96 ... » »»