بداية الحكمة - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ٧٩
وعقلناها بأنها " جسم نام حساس متحرك بالإرادة "، جاز أن نعقلها وحدها - بحيث يكون كل ما يقارنها من المفاهيم زائدا عليها خارجا من ذاتها، وتكون هي مباينة للمجموع غير محمولة عليه، كما أنها غير محمولة على المقارن الزائد - كانت الماهية المفروضة " مادة " بالنسبة إلى ما يقارنها، و " علة مادية " للمجموع، وجاز أن نعقلها مقيسة إلى عدة من الأنواع، كأن نعقل ماهية الحيوان بأنها الحيوان الذي هو إما انسان وإما فرس وإما بقر وإما غنم، فتكون ماهية ناقصة غير محصلة حتى ينضم إليها فصل أحد تلك الأنواع فيحصلها نوعا تاما، فتكون هي ذلك النوع بعينه، وتسمى الماهية المأخوذة بهذا الاعتبار: " جنسا "، والذي يحصله: " فصلا ".
والاعتباران في الجزء المشترك جاريان بعينهما في الجزء المختص، ويسمى بالاعتبار الأول: " صورة "، ويكون جزءا لا يحمل على الكل ولا على الجزء الآخر، وبالاعتبار الثاني: " فصلا " يحصل الجنس ويتمم النوع ويحمل عليه حملا أوليا.
ويظهر مما تقدم:
أولا: أن الجنس هو النوع مبهما، وأن الفصل هو النوع محصلا، والنوع هو الماهية التامة من غير نظر إلى إبهام أو تحصيل.
وثانيا: أن كلا من الجنس والفصل محمول على النوع حملا أوليا، وأما النسبة بينهما أنفسهما فالجنس عرض عام بالنسبة إلى الفصل، والفصل خاصة بالنسبة إليه.
وثالثا: أن من الممتنع أن يتحقق جنسان في مرتبة واحدة، وكذا فصلان في مرتبة واحدة، لنوع، لاستلزام ذلك كون نوع واحد نوعين.
ورابعا: أن الجنس والمادة متحدان ذاتا، مختلفان اعتبارا، فالمادة إذا أخذت لا بشرط كانت جنسا، كما أن الجنس إذا اخذ بشرط لا كان مادة، وكذا الصورة فصل إذا اخذت لا بشرط، كما أن الفصل صورة إذا اخذ بشرط لا.
واعلم أن المادة في الجواهر المادية موجودة في الخارج، على ما سيأتي (1)،

(1) في الفصل الرابع من المرحلة السادسة.
(٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 ... » »»