بداية الحكمة - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ٧٦
قسمين (1):
(أحدهما): أن يقصر النظر في ذاتها، وأنها ليست إلا هي، وهو المراد من كون الماهية بشرط لا في مباحث الماهية، كما تقدم (2). و (ثانيهما): أن تؤخذ الماهية وحدها، بحيث لو قارنها أي مفهوم مفروض كان زائدا عليها، غير داخل فيها، فتكون إذا قارنها جزء من المجموع " مادة " له، غير محمولة عليه.
وأما الثالث: فأن لا يشترط معها شئ، بل تؤخذ مطلقة، مع تجويز أن يقارنها شئ أو لا يقارنها.
فالقسم الأول هو الماهية بشرط شئ، وتسمى: " المخلوطة "، والقسم الثاني هو الماهية بشرط لا، وتسمى: " المجردة "، والقسم الثالث هو الماهية لا بشرط، وتسمى: " المطلقة ".
والماهية التي هي المقسم للأقسام الثلاثة هي الكلي الطبيعي، وهي التي تعرضها الكلية في الذهن فتقبل الانطباق على كثيرين، وهي موجودة في الخارج لوجود قسمين من أقسامها - أعني المخلوطة والمطلقة - فيه (3)، والمقسم محفوظ في أقسامه موجود بوجودها (4).

(١) يريد أن الماهية بشرط لا، يستعمل عندهم في معنيين: (أحدهما): أن يعتبر تجرد الماهية عن جميع الأمور الزائدة عليها، عارضة كانت أو لازمة إياها، وهذا هو المستعمل في مقابل الماهية المخلوطة والمطلقة في مباحث الماهية. و (ثانيهما): أن يعتبر انضمام شئ آخر إليها من حيث هو أمر زائد عليها وقد حصل منهما مجموع لا تصدق هي عليها بهذا الاعتبار، وهذا هو المستعمل في مورد المادة في مقابل الجنس.
والمعنى الأول هو المشهور بين المتأخرين كما في شرح المقاصد 1: 100. والمعنى الثاني هو الذي ذكره الشيخ الرئيس في الفرق بين الجنس والمادة في الشفاء، ولخصه المحقق الطوسي في شرح الإشارات، فراجع الفصل الثالث من المقالة الخامسة من إلهيات الشفاء، وشرح الإشارات 1: 76 - 78.
(2) في الفصل السابق.
(3) أي في الخارج.
(4) أي بوجود الأقسام.
ولا يخفى أن المقسم لا بد من أن يكون محفوظا في جميع الأقسام، بمعنى أن المقسم لا يكون مقسما إلا أن يكون محفوظا في جميع الأقسام. والأقسام إما أن تكون موجودة كلها، وهذا يدل على وجود المقسم مطلقا وإما أن يكون بعضها موجودا وبعضها معدوما أو بعضها موجودا وبعضها لا موجودا ولا معدوما، وحينئذ لم يدل وجود بعض الأقسام على وجود المقسم مطلقا، بل انما يدل على وجود المقسم في الأقسام الموجودة. ومن هنا يظهر أن وجود بعض أقسام الماهية لا يدل على وجود الماهية مطلقا بل يدل على وجودها الخارجي في تلك الأقسام الموجودة في الخارج، ولا يدل على وجودها الخارجي في الماهية بشرط لا. مع أن الماهية المطلقة بما أنها مطلقة لا وجود لها في الخارج. ولعل هذا مراد من قال بأن لا وجود في الخارج إلا للأشخاص، والطبائع الكلية منتزعة عنها.
(٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 69 70 72 74 75 76 77 78 79 80 81 ... » »»