بداية الحكمة - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ٢٤
ومنها: أنه لا جزء له، لأن الجزء إما جزء عقلي كالجنس والفصل، وإما جزء خارجي كالمادة والصورة، وإما جزء مقداري كأجزاء الخط والسطح والجسم التعليمي، وليس للوجود شئ من هذه الأجزاء.
أما الجزء العقلي، فلأنه لو كان للوجود جنس وفصل، فجنسه إما الوجود، فيكون فصله المقسم مقوما، لأن الفصل بالنسبة إلى الجنس يفيد تحصل ذاته لا أصل ذاته، وتحصل الوجود هو ذاته، هذا خلف، وإما غير الوجود، ولا غير للوجود.
وأما الجزء الخارجي - وهو المادة والصورة - فلأن المادة والصورة هما الجنس والفصل مأخوذين بشرط لا، فانتفاء الجنس والفصل يوجب انتفائهما.
وأما الجزء المقداري فلأن المقدار من عوارض الجسم، والجسم مركب من المادة والصورة، وإذ لا مادة ولا صورة للوجود فلا جسم له، وإذ لا جسم له فلا مقدار له.
ومما تقدم يظهر أنه ليس نوعا، لأن تحصل النوع بالتشخص الفردي، والوجود متحصل بنفس ذاته.
الفصل الثامن في معنى نفس الأمر قد ظهر مما تقدم (1) أن لحقيقة الوجود ثبوتا وتحققا بنفسه، بل الوجود عين الثبوت والتحقق، وأن للماهيات - وهي التي تقال في جواب ما هو، وتوجد تارة بوجود خارجي فتظهر آثارها، وتارة بوجود ذهني فلا تترتب عليها الآثار - ثبوتا وتحققا بالوجود، لا بنفس ذاتها، وإن كانا متحدين في الخارج، وأن المفاهيم الإعتبارية العقلية - وهي التي لم تنتزع من الخارج، وإنما اعتبرها العقل بنوع من التعمل لضرورة تضطره إلى ذلك، كمفاهيم الوجود والوحدة والعلية ونحو ذلك - أيضا لها نحو ثبوت بثبوت مصاديقها المحكية بها، وإن لم تكن هذه المفاهيم

(1) الفصل الرابع من هذه المرحلة.
(٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 ... » »»