بداية الحكمة - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ٣٠
لاستلزامه الانقلاب أو الخلف، بيان الملازمة: أن إعادة المعدوم بعينه تستلزم كون المعاد هو المبتدأ ذاتا وفي جميع الخصوصيات المشخصة حتى الزمان، فيعود المعاد عين المبتدأ، وهو الانقلاب أو الخلف (1).
حجة أخرى (2): لو جازت الإعادة لم يكن عدد العود بالغا حدا معينا يقف عليه، إذ لا فرق بين العودة الأولى والثانية وهكذا إلى ما لا نهاية له، كما لم يكن فرق بين المعاد والمبتدأ، وتعين العدد من لوازم وجود الشئ المتشخص (3).
احتج المجوزون (4) بأنه لو امتنعت إعادة المعدوم لكان ذلك إما لماهيته وإما للازم ماهيته ولو كان كذلك لم يوجد ابتداء، وهو ظاهر، وإما لعارض مفارق، فيزول الامتناع بزواله.
ورد بأن الامتناع لأمر لازم لكن لوجوده وهويته، لا لماهيته (5)، كما هو ظاهر

(١) وهذا رابع الوجوه التي ذكرها المحقق الطوسي.
(٢) وهذا خامسها التي ذكرها المحقق الطوسي.
(٣) ولا مرجح لبعض تلك الأعداد، فالحاصل حينئذ: أن التعين، أي التشخص، مما لا بد منه في الوجود، لأن الشئ ما لم يتشخص لم يوجد، مع أنه لا مرجح لتعين عدد خاص منها.
- منه (رحمه الله) -.
(٤) وهم الأشاعرة وبعض المعتزلة. ومن الأشاعرة صاحب المواقف وشارحه في شرح المواقف: ٥٧٩، والعلامة التفتازاني في شرح المقاصد 2: 207 - 210.
وقال ابن ميثم في قواعد المرام: 147: " واتفقت مشائخ المعتزلة على أن إعادته ممكنة... ".
وقال صدر المتألهين في الأسفار 1: 361: " والقائلون بجواز إعادة المعدومات جمهور أهل الكلام المخالفين لكافة الحكماء في ذلك... ".
(5) قال الحكيم السبزواري في تقرير الجواب: " إن الامتناع لأمر لازم لا للماهية، بل للهوية أو لماهية الموجود بعد العدم " راجع شرح المنظومة: 51. وقال العلامة في كشف المراد: 75:
" الامتناع لازم للماهية الموصوفة بالعدم بعد الوجود " والظاهر أنه سهو من قلم الناسخ، والصحيح: " الامتناع لأمر لازم للماهية الموصوفة بالعدم بعد الوجود ".
وقال اللاهيجي في شوارق الإلهام: 130 - 131: " إن حكمنا بامتناع العود انما هو لأمر لازم للماهية أي لماهية المعدوم بعد الوجود ". وحاصل ما في المتن: ان الامتناع غير لازم لماهية المعدوم نفسها - كما في شرح المنظومة وكشف المراد والشوارق -، بل الامتناع لأمر لازم لوجود المعدوم - كما في شرح المنظومة " بل للهوية " -، وذلك الأمر هو فرض الوجود المماثل للوجود الأول، فما ذكره المصنف هو الجواب الأول الذي ذكره الحكيم السبزواري.
وهنا جواب آخر أشار إليه المحقق الطوسي بقوله: " والحكم بامتناع العود لأمر لازم للماهية " أي لأمر لازم لماهية الموجود بعد العدم - كما في شرح المنظومة -، أو لأمر لازم لماهية المعدوم بعد الوجود - كما في الشوارق وكشف المراد - والمراد واحد. وذلك الأمر هو وصف الوجود بعد العدم أو وصف العدم بعد الوجود، فإن الشئ بعد الوجود ممتنع العدم المقيد ببعدية الوجود، كما أنه بعد العدم ممتنع الوجود المقيد ببعدية العدم.
(٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 25 26 27 28 29 30 31 33 35 36 37 ... » »»