بداية الحكمة - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ٢٩
المتكلمين (1)، وأكثرهم على الجواز (2).
وقد عد الشيخ " امتناع إعادة المعدوم " ضروريا، وهو من الفطريات (3)، لقضاء الفطرة ببطلان شيئية المعدوم، فلا يتصف بالإعادة.
والقائلون بنظرية المسألة (4) احتجوا عليه بوجوه:
منها: أنه لو جاز للمعدوم في زمان أن يعاد في زمان آخر بعينه لزم تخلل العدم بين الشئ ونفسه، وهو محال، لأنه حينئذ يكون موجودا بعينه في زمانين بينهما عدم متخلل (5).
حجة أخرى: لو جازت إعادة الشئ بعينه بعد انعدامه، جاز إيجاد ما يماثله من جميع الوجوه ابتداء واستئنافا، وهو محال، أما الملازمة فلأن حكم الأمثال فيما يجوز وفيما لا يجوز واحد، ومثل الشئ ابتداء ومعاده ثانيا لا فرق بينهما بوجه، لأنهما يساويان الشئ المبتدأ من جميع الوجوه، وأما استحالة اللازم فلاستلزام اجتماع المثلين في الوجود عدم التميز بينهما، وهو وحدة الكثير من حيث هو كثير، وهو محال (6).
حجة أخرى: إن إعادة المعدوم توجب كون المعاد هو المبتدأ، وهو محال،

(١) ومنهم بعض الكرامية، وأبو الحسين البصري ومحمود الخوارزمي من المعتزلة. راجع قواعد المرام: ١٤٧.
(٢) لزعمهم أن القول بحشر الأجساد مما يتوقف عليه، راجع شرح المواقف: ٥٧٩، وشرح المقاصد 2: 207 - 210.
(3) راجع الفصل الخامس من المقالة الأولى من إلهيات الشفاء. واستحسنه الفخر الرازي في المباحث المشرقية 1: 48 حيث قال: " ونعم ما قال الشيخ من أن كل من رجع إلى فطرته السليمة ورفض عن نفسه الميل والعصبية شهد عقله الصريح بأن إعادة المعدوم ممتنع ".
(4) كما هو الظاهر من المحقق الطوسي وصدر المتألهين. فراجع كشف المراد: 74 - 75، وشوارق الإلهام: 122، وشرح التجريد للقوشجي: 60 - 65، والأسفار 1: 353 - 364.
(5) هذا ثاني الوجوه التي ذكرها المحقق الطوسي.
(6) وهذا ثالثها التي ذكرها المحقق الطوسي.
(٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 24 25 26 27 28 29 30 31 33 35 36 ... » »»