الوجود فيتميز بذلك عدم من عدم، كعدم البصر، وعدم السمع، وعدم زيد، وعدم عمرو، وأما العدم المطلق فلا تميز فيه.
وأما عدم العلية في العدم، فلبطلانه وانتفاء شيئيته. وقولهم: " عدم العلة علة لعدم المعلول " قول على سبيل التقريب والمجاز (1)، فقولهم مثلا: " لم يكن غيم فلم يكن مطر " معناه بالحقيقة: أنه لم تتحقق العلية التي بين وجود الغيم ووجود المطر، وهذا - كما قيل (2) - نظير إجراء أحكام القضايا الموجبة في السالبة، فيقال:
" سالبة حملية " و " سالبة شرطية " ونحو ذلك، وإنما فيها سلب الحمل وسلب الشرط.
الفصل الحادي عشر في أن المعدوم المطلق لا خبر عنه ويتبين ذلك بما تقدم (3) أنه بطلان محض، لا شيئية له بوجه، وإنما يخبر عن شئ بشئ.
وأما الشبهة - بأن قولهم: " المعدوم المطلق لا يخبر عنه " (4) يناقض نفسه، فإنه بعينه إخبار عنه بعدم الإخبار (5) - فهي مندفعة بما سيجئ في مباحث الوحدة