بداية الحكمة - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ٢٧
الوجود فيتميز بذلك عدم من عدم، كعدم البصر، وعدم السمع، وعدم زيد، وعدم عمرو، وأما العدم المطلق فلا تميز فيه.
وأما عدم العلية في العدم، فلبطلانه وانتفاء شيئيته. وقولهم: " عدم العلة علة لعدم المعلول " قول على سبيل التقريب والمجاز (1)، فقولهم مثلا: " لم يكن غيم فلم يكن مطر " معناه بالحقيقة: أنه لم تتحقق العلية التي بين وجود الغيم ووجود المطر، وهذا - كما قيل (2) - نظير إجراء أحكام القضايا الموجبة في السالبة، فيقال:
" سالبة حملية " و " سالبة شرطية " ونحو ذلك، وإنما فيها سلب الحمل وسلب الشرط.
الفصل الحادي عشر في أن المعدوم المطلق لا خبر عنه ويتبين ذلك بما تقدم (3) أنه بطلان محض، لا شيئية له بوجه، وإنما يخبر عن شئ بشئ.
وأما الشبهة - بأن قولهم: " المعدوم المطلق لا يخبر عنه " (4) يناقض نفسه، فإنه بعينه إخبار عنه بعدم الإخبار (5) - فهي مندفعة بما سيجئ في مباحث الوحدة

(1) فإن قلت: فعلى هذا، ما ذكرتم مثالا للقضية التي موضوعها المفهوم الاعتباري العقلي أيضا يكون على سبيل التقريب والمجاز.
قلت: إنما مثلنا بها للقضية النفس الأمرية، وكون الحمل في القضية على التقريب والمجاز لا يخرجها عن الصدق ولا يلحقها بالكواذب، وحقيقتها التي هي قولنا: " لم تتحقق العلية التي بينهما " قضية نفس الأمرية أيضا. - منه (رحمه الله) -.
(2) والقائل هو الحكيم السبزواري في شرح المنظومة: 48.
(3) راجع الفصل التاسع من هذه المرحلة.
(4) كذا قال الشيخ الرئيس في الفصل الخامس من المقالة الأولى من الفن الخامس من منطق الشفاء.
(5) هذه الشبهة للكاتبي في حكمة العين، فراجع ايضاح المقاصد في شرح حكمة العين: 27.
وتعرض لها صدر المتألهين في الأسفار 1: 239 و 347 - 348، والسبزواري في شرح المنظومة: 51، والعلامة في كشف المراد: 68.
(٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 33 ... » »»