بداية الحكمة - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ١٦
برهان آخر: الماهيات مثار الكثرة والاختلاف بالذات، فلو لم يكن الوجود أصيلا لم تتحقق وحدة حقيقية ولا اتحاد بين ماهيتين، فلم يتحقق الحمل - الذي هو الاتحاد في الوجود - والضرورة تقضي بخلافه، فالوجود هو الأصيل الموجود بالذات، والماهية موجودة به.
برهان آخر: الماهية توجد بوجود خارجي، فتترتب عليها آثارها، وتوجد بعينها بوجود ذهني - كما سيأتي (1) -، فلا يترتب عليها شئ من تلك الآثار، فلو لم يكن الوجود هو الأصيل، وكانت الأصالة للماهية - وهي محفوظة في الوجودين - لم يكن فرق بينهما، والتالي باطل، فالمقدم مثله.
برهان آخر: الماهية من حيث هي تستوي نسبتها إلى التقدم والتأخر، والشدة والضعف، والقوة والفعل، لكن الأمور الموجودة في الخارج مختلفة في هذه الأوصاف، فبعضها متقدم أو قوي، كالعلة، وبعضها بخلاف ذلك، كالمعلول، وبعضها بالقوة وبعضها بالفعل، فلو لم يكن الوجود هو الأصيل، كان اختلاف هذه الصفات مستندا إليها، وهي متساوية النسبة إلى الجميع، هذا خلف. وهناك حجج أخرى مذكورة في المطولات (2).
وللقائلين بأصالة الماهية واعتبارية الوجود حجج مدخولة، كقولهم: لو كان الوجود أصيلا كان موجودا في الخارج، فله وجود، ولوجوده وجود، فيتسلسل، وهو محال (3).
وأجيب عنه (4): بأن الوجود موجود، لكن بنفس ذاته، لا بوجود آخر، فلا يذهب الأمر إلى غير النهاية.

(1) سيأتي في المرحلة الثانية.
(2) راجع شرح المنظومة: 11 - 14.
(3) أورده الشيخ الإشراقي في حكمة الإشراق، فراجع كلامه في متن شرح حكمة الإشراق:
183 - 184، وكذا أورده في التلويحات: 22 - 23.
(4) هذا ما أجاب به صدر المتألهين في تعليقته على شرح حكمة الإشراق: 184 - 185، والأسفار 1: 40 - 41.
(١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 ... » »»