بداية الحكمة - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ٢٣
وشئ من هذه الأجوبة (1) على فسادها لا يغني طائلا. والحق في الجواب ما تقدم من أن القاعدة إنما تجري في " ثبوت شئ لشئ " لا في " ثبوت الشئ "، وبعبارة أخرى: مجرى القاعدة هو الهلية المركبة، دون الهلية البسيطة، كما في ما نحن فيه.
الفصل السابع في أحكام الوجود السلبية (2) منها: أن الوجود لا غير له، وذلك لأن انحصار الأصالة في حقيقته يستلزم بطلان كل ما يفرض غيرا له أجنبيا عنه بطلانا ذاتيا.
ومنها: أنه لا ثاني له، لأن أصالة حقيقته الواحدة، وبطلان كل ما يفرض غيرا له، ينفي عنه كل خليط داخل فيه أو منضم إليه، فهو صرف في نفسه، وصرف الشئ لا يتثنى ولا يتكرر، فكل ما فرض له ثانيا عاد أولا، وإلا امتاز عنه بشئ غيره داخل فيه أو خارج منه، والمفروض انتفاؤه، هذا خلف.
ومنها: أنه ليس جوهرا ولا عرضا، أما أنه ليس جوهرا فلأن الجوهر ماهية إذا وجدت في الخارج وجدت لا في الموضوع، والوجود ليس من سنخ الماهية، وأما أنه ليس بعرض فلأن العرض متقوم الوجود بالموضوع والوجود متقوم بنفس ذاته وكل شئ متقوم به.
ومنها: أنه ليس جزءا لشئ، لأن الجزء الآخر المفروض غيره، والوجود لا غير له.
وما قيل: " إن كل ممكن زوج تركيبي من ماهية ووجود " (3)، فاعتبار عقلي ناظر إلى الملازمة بين الوجود الإمكاني والماهية، لا أنه تركيب من جزئين أصيلين.

(1) والأبحاث السابقة تكفي مؤونة إبطال هذه الأجوبة - منه (رحمه الله) -.
(2) أي في أحكام السلبية للوجود.
(3) راجع الفصل السابع من المقالة الأولى من إلهيات الشفاء.
(٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 ... » »»