بداية الحكمة - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ٢١
الفصل السادس في ما يتخصص به الوجود تخصص الوجود بوجوه ثلاثة:
أحدها: تخصص حقيقته الواحدة الأصيلة بنفس ذاتها القائمة بذاتها (1).
وثانيها: تخصصها بخصوصيات مراتبها، غير الخارجة عن المراتب (2).
وثالثها: تخصص الوجود بإضافته إلى الماهيات المختلفة الذوات وعرضه لها، فيختلف باختلافها بالعرض.
وعرض الوجود للماهية وثبوته لها ليس من قبيل العرض المقولي الذي يتوقف فيه ثبوت العارض على ثبوت المعروض قبله، فإن حقيقة ثبوت الوجود للماهية هي ثبوت الماهية به، لأن ذلك هو مقتضى أصالته واعتباريتها، وإنما العقل لمكان انسه بالماهيات يفترض الماهية موضوعة، ويحمل الوجود عليها، وهو في الحقيقة من عكس الحمل.
وبذلك يندفع الإشكال المعروف في حمل الوجود على الماهية، من أن قاعدة

(1) أي التمايز بين مراتب الوجود إنما هو بنفس ذاتها البسيطة التي ما به الاشتراك فيها عين ما به الامتياز.
ومراتب الوجود ثلاثة:
الوجود الحق: وهو الوجود المجرد عن جميع الألقاب والأوصاف حتى عن هذا الوصف.
وهو أعلى درجة الوجود التي لا يمكن وصفها إلا بأنها أعلى الدرجات ولا حد لها إلا أنها لا حد لها.
الوجود المطلق: وهو الوجود الذي صنع الحق ولا يحتاج إلى الحيثية التقييدية بل هو بذاته عار عن أحكام الماهيات والأعيان.
الوجود المقيد: وهو وجود الأعيان والماهيات الإمكانية التي احتاجت إلى الحيثية التقييدية والواسطة في العرض كما احتاجت إلى الحيثية التعليلية في حمل الوجود عليها.
ولا تمايز بين تلك المراتب إلا بالوجود كما لا اشتراك بينها إلا في الوجود.
(2) إذ لو كانت خارجة عنها، كانت باطلة، لانحصار الأصالة في الوجود.
(٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 ... » »»