والأعيان الكونية ومنزل تدلى الحق سبحانه وحقيقة الحقائق ومحل نفوذ اقتداره على نحو ما سبق التلويح به، وهنا تفاصيل واسرار:
منها: ما لا يمكن التصريح به أصلا.
ومنها: ما إن شاء الله فتح عليك مقفله عند فهمك ما ضمن هذا الالماع، فتعرف الامر على مقدار ما يمكن الإشارة إليه بواسطة العبارة - ان يسر لك و يسرت له - فان الافصاح متعذر، لان الامر يضيق عند نطاق العبارات ويجل عن أن يكون هدفا لا سهم الإشارات، فافهم.
ونعود فنقول: ثم ظهر بعد الكرسي الكريم الذي هو الفلك المكوكب على نحو ما تقرر صورة العناصر الأربعة مع تأثير حركتي العرش والكرسي، ثم ظهر بعد العناصر السماوات السبع، ثم ظهرت المولدات بعد الأفلاك السبعة - على حسب الترتيب المعلوم - والانسان منتهى تلك الآثار ومجتمعها.
فالامر ينزل من حقيقة الحقائق المسماة أيضا بحضرة الجمع والوجود وغير ذلك، نزولا غيبيا من مرتبة وسطية قطبية مركزية بحركة غيبية معنوية أسمائية ذاتية إحاطية إلى النفس الرحماني المنعوت بالعماء، ثم إلى المرتبة القلمية العقلية، ثم اللوحية النفسية، هكذا إلى العرش، إلى الكرسي، إلى السماوات، إلى العناصر، إلى المولدات، حتى يتصل بالانسان (1)، فان ترتيب نزول الامر بعد الاستواء ليس ترتيب الايجاد، فإذا انتهى الامر إلى صورة الانسان انعطف من صورته إلى الحقيقة الكلية الكمالية المختصة به، المسماة بحقيقة الحقائق، هكذا دائرة تامة كاملة دائم الحكم إلى حين انتهاء ما كتبه القلم من علم ربه في خلقه، ويقضى الله بعد ذلك وقبله ما شاء ويحدث من شأنه ما يريد.