مفتاح الغيب - أبي المعالي القونوي - الصفحة ٥٠
تلك الصورة والمزاج وذلك الموجود كان ما كان.
والضابط في هذا السر: ان كل ما يشارك النتيجة فيه المقدمتين، والولد الوالدين من المواد الكلية وحقائقها الأصلية، فذلك هو الذي قد يعرف ويشعر بسره ويدرك فيه وجه المناسبة بظهور حكمها، وكل ما يتفرد به الولد دون الوالدين، والنتيجة دون المقدمتين، والثمرات دون أصولها، فهو سر الوجه الخاص الإلهي الذي قبله ذلك الممكن بخصوصيته التي يمتاز بها عن سائر الممكنات، وهو من وجه باعتبار ما قررنا ثمرة الاجتماع المعين لاظهار العين الثابتة المتعينة بالوجود العيني على مقتضى سابق التعين العلمي الأزلي.
وسبب ظهور هذه الخواص ونحوها، المراتب التي هذه الوجودات المتعينة الظاهرة بها وفيها ومنها، وبحسبها مظاهرها، وظهور تلك المراتب فيما بينها ولبعضها من بعض، متوقف على الوجودات المتعينة والأمزجة المذكورة، لتوقف ظهور الوجودات على اجتماع عدة اجزاء وحقائق كما مر، وبحسب ما يستدعيه استعداد هذا المتعين.
وأعظم الجمعيات الظاهرة صورة في البسائط: العرش المحيط، وأصغرها: الجزء الذي لا يتجزى من الجسم المحيط البسيط، وأعظمها في المركبات التام التركيب: النشأة الانسانية العنصرية، فان ظهور الانسان من حيثها يتوقف على اجتماع سائر الحقائق واحكام جميع المراتب، واصغر الجمعيات في المركبات أصغر ما يتولد من الحيوان، والسر في توقف ظهور الموجودات على الجمعية وبها - لا عن محض الأحدية - ما وردت به الإشارة في قوله تعالى: سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون (36 - يس) فافهم واستحضر ما سبق التلويح به غير مرة، تكن ممن علم بتعليم الله تعالى، ولهذا الامر اسرار غامضة جدا نذكر بعضها فيما بعد إن شاء الله عند الكلام على الأفلاك - ان قدر الله ذلك - ثم نعود إلى بيان ترتيب ظهور
(٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 ... » »»
الفهرست