مفتاح الغيب - أبي المعالي القونوي - الصفحة مقدمة المصحح ١٧
قال قدس سره في فك الاسحاق: فصحة خيال الانسان ورؤياه له عدة موجبات بعضها مزاجية وبعضها خارجة عن المزاج، فالمختص منها بالمزاج: صحة الدماغ وما سبق ذكره، والخارج عن المزاج: بقاء حكم الاتصال بين خياله وبين عالم المثال عن علم ومناسبة محققة تقتضى اتحاده به من إحدى جهتيه، وهذا كشف عال قل من يشاهده، رأيته ودخلت بنفسي في بعض مظاهرها من خيال المقيد إلى عالم المثال من باب الاتصال المشار إليه، وانتهيت إلى آخره وخرجت منه إلى عالم الأرواح ثم إلى فيحاء مطالع الأضواء، والحمد لله على ما أنعم.
وقال في فك اليعقوبي: والسر الاخر في ذلك هو ان القلوب التي شاء الحق منها ان يتجلى له ليصير مستواه ومنصة تجليه، لا يرضى انى شارك فيها، فلما اخذ يوسف من قلب أبيه مكانا لبقية مناسبة ثابتة بين يعقوب وبين ما سوى الحق، اخذ الحق يوسف عنه بيد الغيرة وصقل بالحزن والم الفرق قلبه، فلما آيس وانفرد للحق وتطهر من حكم السوى، رد الله إليه أولاده على أحسن حال وهو الجزاء بما يلائم، وهذه معالجة الربانية وطب الهى قل من يعرف سره، وهذا مقام شريف في طريق الله جربت له بركات لا تحصى وشاهدت صحة هذا الحكم والمجازاة في نفسي وفى جماعة من أهل الله، والحمد لله.
وقال في فك اليوسفي: قد ورد في الحديث: آن الامر الإلهي يبقى في الجو بعد مفارقته سماء الدنيا ثلاث سنين حتى يصل إلى الأرض ويتصل بالمحل المختص به، وهذا من المكاشفات المجربة والمتفق عليها، وقال في سرعة ظهوره حكم الرؤيا وما عبرت به دليل على ضعف نفس الرائي:
وهذا حال أهل البداية من السالكين، وقد جربنا ذلك كثيرا في أصحابنا وأصحاب غيرنا من الشيوخ، وكذلك في أنفسنا زمان البداية.
ورأيت من الشيخ الامام العارف المحقق سعد الملة والدين محمد المؤيد الحموية قدس الله نفسه الزكية إن كان يرى الكوائن في عالم المثال المطلق ويعلم حالتئذ ان المرئي صورة معلومة ذلك الشئ المتعين في علم الحق أزلا مثلت له وانه لابد من ظهور ذلك الشئ ف الحس بصورة ما رآه هناك - دون تغيير ولا تبديل - ورأيت غر واحد ممن له هذه الرؤية غير أن أكثرهم لم يكن لم علم بان الذي رآه عبارة عن عين ثابتة من جملة المعلومات المتعينة في علم الحق أزلا وابدا على وتيرة واحدة مثلث له صورتها في عالم المثال المطلق وانه سيدخل هذا العالم الحسى بتلك الصورة.
(مقدمة المصحح ١٧)
الفهرست