فردوس الحكمة في الطب - إبن سهل الطبري - الصفحة ٥٤٤
وبراه، وهذا الفك يحيط بالأفلاك التي دونه وبالطبائع والخلائق كلها، وليس فيه كوكب رأسا ويدور من المشرق إلى المغرب في اليوم دورة واحدة تامة ويدير معه الأفلاك التي تحته، فاما الأفلاك السبعة فإنها تدور من المغرب إلى المشرق، وسأذكر حجتهم في ذلك، ولكل فلك حركة خاصة سأذكرها، وقد نرى هاتين الحركتين عيانا وذلك أن الشمس والقمر تدوران في كل يوم دورة واحدة، وهذه الحركة هي للفلك الأعظم، فاما خاصية حركتها فقد نرى ان الشمس تتحرك في كل يوم درجة واحدة وتقطع البرج الواحد في ثلاثين يوما والبروج الاثنى عشر في سنة، والمثل في اختلاف هاتين الحركتين مثل سفينة تنزل من الماء و فيها رجل يمشي في جوف السفينة مصعدا.
وقال أرسطو طيلس ان الفلك الأعظم ليس فيه كوكب رأسا وان علة ذلك أن هذا الفلك هو الذي يدير سائر الأفلاك كما قلنا فلو كانت فيه كواكب لعجزت عن إدارة ما فيه من الكواكب وعن إدارة الأفلاك والكواكب التي تحته لأنه أيضا جسم من الأجسام وكل جسم فهو محدود وكل محدود فان قوته أيضا محدودة متناهية، فلذلك لم يكن فيه كوكب وصارت البروج الاثنا عشر والكواكب الكثيرة التي ترى كلها في الفلك الثامن، وهذا الفلك يدور على قطبين غير قطبي الفلك الأعظم الذي فيه الحركة الأولى، والدليل على أن حركة فلك البروج غير حركة سائر الأفلاك ان البروج الاثنى عشر تتلوا بعضها بعضا في مسيرها ولا تنتقل عن أماكنها أبد الدهر ولا تتغير حركاتها في طلوعها وغروبها، فاما الكواكب السبعة فان لكل كوكب حركة خلاف حركة صاحبه ولها تفاوت في حركاتها فربما أسرع الكوكب في مسيره وربما أبطأ وربما اخذ في الجنوب وربما اخذ في الشمال، ومن
(٥٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 539 540 541 542 543 544 545 546 547 548 549 ... » »»