فردوس الحكمة في الطب - إبن سهل الطبري - الصفحة ٥٤٥
تفقد ذلك ورصد وأحسن الحساب والتقويم عرف صحة ما قالوا، وحد الفلك " انه لا نهاية ما يصير اليه الطبائع علوا وسفلا " (1)، وحده من جهة الطباع انه شكل مستدير فهو أوسع الاشكال كلها محيط بها كلها، الباب الثالث في حركات الكواكب وأنوارها، قالت الفلاسفة انه ليس جسم من الأجسام الا وله حركات شتى ما خلا الجسم الأقصى يعني الفلك الأقصى فإنه بسيط وحركته بسيطة غير مركبة وانه ليس للكواكب أنفسها حركة، وانما تتحرك لحركة أفلاكها وهي في تلك الأفلاك بمنزلة الرقم في الثوب والمسمار في الباب، ولو كانت الكواكب تتحرك بأنفسها لما كانت تخلو من أن تتحرك بنوع من أنواع الحركات الثلث اما حركة انتقال عن أماكنها كما يتحرك الانسان إذا مشى والطير إذا طار واما حركة تدحرج كما تدحرج الكرة واما حركة لولبية وليست حركة الكواكب كذلك لأنها لازمة لأماكنها وأفلاكها لا تنتقل عنها طول الدهر، ولو كانت حركتها حركة انتقال عن أماكنها بالظفر لم يخف ذلك الطفر لعظم اجرامها كما لا تخفى حركه الشهب، ولو كانت حركتها حركة تدحرج انحرفت على أفلاكها طول هذا الدهر، ولو كانت حركتها لولبية لصعدت طول أبد الدهر فوق كما تصعد اللولبية، وقالوا ان نور الكواكب كلها جوهري فيها ما خلا نور الشمس والقمر، الزائد في أنوار غيرها فان الشمس لعظمها وضيائها تقبل النور من نارية الأثير ثم تنعطف تلك النارية منها إلى الهواء ثم إلى الأرض حتى تسخن وتضئ بها العالم كله ارضه وجباله وبحاره وهواؤه، فاما القمر فإنه

(1) (انه نهاية لم يصلوا إليها علوا وسفلا)
(٥٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 540 541 542 543 544 545 546 547 548 549 550 ... » »»