المقالة الثانية ستة أبواب الباب الأول منها في طول بقاء الأفلاك والنيرات وخلقتها وان الخالق يحركها من غير أن يتحرك، اني رأيت علماء الهند والروم وبابل متفقين على أن الأشياء السماوية هي التي تصرف الأرضيات من حال إلى حال ولذلك ذكرت في كتابي هذا بعض عللها ومجاريها وقد قال الحكيم أبقراط ان علم النجوم ليس بجزء صغير من علم الطب، وقال أيضا ان طلوع الكواكب وغروبها هي علة تغير الازمان وتغير الازمان هي تغير الأبدان، وقال جالينوس في تفسير كتاب أبقراط في المياه والبلدان ان لكل حي من حيوان الأرض حياة مقدرة في طبيعته من حركات السماوات فليس عمر الدجاجة مثل عمر النسر، والذي قال العالم جالينوس نجده قريبا من الحق لان من الحيوان ما يطول بقائه يوما واحدا وذلك مثل دويبة هي في البحر تكون وتفسد في يوم واحد وأطول بقاء دودة القز بطبرستان شهران، فاما الفيلة و الحيات والحيتان العظام فإنها تبقى زيادة على مائتي سنة وكذلك العصافير والوراشين والنسورة والضباب فإنها تبقي بقاء طويلا و ذلك على قدر تراكيبها وقواها المقدرة لها في طبائعها الأربع لها، وكذلك أرى حال الأشجار أيضا فان النخلة والجوز والكمثرى وشجرة المقل فإنها يبطئ ادراكها وأثمارها وعلى حسب ذلك يكون طول بقائها، فاما شجرة الخوخ والمشمش وما أشبههما فان ادراكها واطعامها سريع وكذلك الورد والباقلى، وقال ارسطاطاليس ان الوجود وجودان وجود عددي ووجود صوري وقد اجتمع للأفلاك والنيرات هذان الوجودان لقربهما من
(٥٤١)