انه ليس في ذات الله التحرك فإن كان حركته من غيره لكان الذي يحركه أقوى واقدر منه ثم يقال في ذلك الذي يزعم الزاعم انه يحركه مثل هذا القول بعينه وذلك إلى ما لا نهاية له وما لا نهاية له فغير موجود، وقد نجد في خلق الله تبارك اسمه أشياء كثيرة تحرك غيرها من غير أن تتحرك مثل حجر المغناطيس فإنه يحرك الحديد من غير أن يتحرك الحجر ويتحرك النار إلى النفط الأبيض من غير أن يتحرك النفط ومثل المعشوق فان العاشق إذا رأى المعشوق تحرك له قلبه من غير أن يتحرك المعشوق ومثل الحمار فإنه إذا نظر إلى الأتان أو إلى الشعير أو إلى الأسد تحرك ونهق من غير أن يتحرك الأتان أو الشعير، وقال الفيلسوف ان كمال كل شئ ان يبلغ مرتبة التمام والغاية وان الفلك الأعلى لما قرب من محل التمام صار أقوى الخلائق وأعظمها وأشرفها وأسرعها حركة ودونه ما تحته من الأفلاك فلكا فلكا ودونها كلها الأرض فإنها لا حركة لها ولا دوام على حال واحد، الباب الثاني في مراتب الأفلاك وما فيها واختلاف أدوارها، ان الأفلاك مستديرة محيطة بالعالم وهي تدور على مركز الأرض في وسطها مثل النقطة في وسط الدائرة، وهي سبعة أفلاك فأقربها من الأرض فلك القمر وفوقه فلك عطارد وفوق ذلك فلك الزهرة ثم فلك الشمس والشمس متوسطة للأفلاك السبعة وفوقها فلك المريخ وفوق المريخ فلك المشتري وفوق ذلك فلك زحل، وفي كل ذلك من هذه السبعة كوكب واحد فقط، وفوق فلك زحل الفلك الثامن الذي فيه البروج الاثنى عشر وسائر الكواكب كلها وفوق الفلك الثامن الفلك التاسع وهو أعظم وارفع جسم خلقه الله
(٥٤٣)