فردوس الحكمة في الطب - إبن سهل الطبري - الصفحة ٥٤٨
الشمس تقطع كل برج في شهر وتقطع البروج كلها في ثلث مائة وخمسة وستين يوما، وبهذه القسمة والاجزاء والمقائيس استدركوا علم الساعات والكسوفات وبها استخرجوا الآلات والأصطرلابات وعليها وضعوا كتبهم كلها ومما يدل على (صحة) تقسيمهم وحسابهم الآلة التي رأيتها انا (من عمل محمد واحمد ابني موسى) بسر من رأى وهي آلة مستديرة مثل كرة كبيرة مقسومة عليها صور البروج والكواكب وهي منصوبة على " رائح " (1) " من شبه " فيها الماء ولها تركيب عجيب (وترفق لطيف وفطنة في الصنعة) وهي تدور وتتحرك مثل حركات الفلك ودوره (فما وجدت فيها من البروج طالعا فذلك البرج طالع في المشرق في تلك الساعة) وما وجدت فيها غاربا فذلك البرج هو الغارب في تلك الساعة وما وجدت منها وسط السماء فهو في وسط الفلك، وانما يتبين ذلك في الليل ولهم سوى ذلك آلات لا تحصى مع براهين في المجسطي واشكال مظهر للعيان صحة ما يقولون، ومن الشواهد على ذلك أيضا الكتب الموضوعة في تقويم الكواكب والكسوفات، فان من شاء بها منزلة كوكب كوكب وفي اي برج يكون كل كوكب إلى " ستين سنة " (2) أقام ذلك الكوكب فعرفه معرفة لا يخطأ فيها بدرجة واحدة، وكذلك معرفة كسوف الشمس والقمر قبل أن ينكسفا سنين كثيرة، فسبحن الذي جعل للانسان هذا العقل والتميز الذي يسمو به إلى معرفة هذا العلم الجليل العجيب، ومما يدل على أن الفلك مستدير وعلى انه يدور على محورين وقطبين اللذان بمنزلة محوري النجار والخراط الذي يخرط الاكرة ان من كان مسكنة في وسط الأرض عند خط الاستواء استوى ساعات نهاره وليله أبد الدهر ورأى هذين المحورين أعني القطب الشمالي، فإنهم يرون القطب الشمالي وبنات نعش ولا يرون

(1) (برائخ) (2) (سنين كثيرة)
(٥٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 543 544 545 546 547 548 549 550 551 552 553 ... » »»