ذلك الزمان وما يعلم انه لا يخلو أحد من اكله فيقول أكلت منذ أيام عنبا أو بادنجانا أو بطيخا أو غير ذلك ولعل الرجل قد اكل ذلك مرارا في يومه أو قبل ذلك بأيام فيتعجبون منه، وبلغني عن آخر كان إذا دخل على المريض يلتفت في نواحي البيت فان رأى قشور الرمان أو الخيار أو فضالة طعام قال للمريض أكلت اليوم كذا وكذا فيصيب أكثر ذلك حتى توفي وعلم ذلك ابنا له فكان الابن يقتدي لأبيه ويصيب أيضا كثيرا إلى أن دخل على مريض فلم ير حوله الا أطراف طرفا رطب فقال له يدل عرقك وماؤك على أن أكلت الطرفا فعرفوا حيلته وجانبوه، وبلغني عن بعضهم انه كان اتخذ على بابه غرفة مشرفة على السكة فإذا اجتمع على بابه أصحاب المرض أشرف عليهم ويسمع ما يقولون، وقد كان دس لهم امرأة ومعها أيضا قارورة فهي تسئل واحدا بعد واحد عن حال (1) مرضه وما يجد من الوجع وما يأكل ويتعالج به ثم يخرج إليهم فيخبر كل واحد بما يسمعه يقوله ويصف لهم ما كان يصف لتلك المرأة من علة صاحبه فيتعجبون منه، وبلغني عن بعضهم انه كان يدس لامة المريض أو غلام له ويوجه اليه في كل يوم من يستخبر من حاله و عما اكل وعمل في ليلته ثم يغدو عليه فينظر إلى مائه فيخبره بما كان منه أو يوكل ببابه امرأة أو غلاما فإذا خرج غلمان المريض يسمع بما يقولون أو يسائلهم عن حاله وعما يجد ويتعالج به ويقتدي (2) ثم يرجع إلى الطبيب فيخبره بذلك كله فيغدو على المريض وقد عرف جميع ما كان في ليله ويومه، وحيل كثيرة لم استجر ان اكتبه مخافة ان يقتدي به بعض الذين يدعون الطب ويخدعون بها الناس،
(٥٤٠)