فردوس الحكمة في الطب - إبن سهل الطبري - الصفحة ٥٣٩
استتم فيها البناء انه قد انتهى إلى هناك وأراد أن يبول، فقال هذا مسجد ولا يحل البول فيه فانتبه واصابه عدة ليال مثل ذلك و انقطع عنه، وبلغني ان رجلا من اهل بيت الملوك في دهرنا هذا كانت امرأته عاقرا فشكى الرجال ذلك إلى طبيب عالم قد كان عرف حال المرأة وسمع بها ونظر إلى مائها وقال لا أرى لها ان نعالج فإنها تموت في أربعين يوما، فتوقعت المرأة ذلك وصامت و سهرت وتصدقت بجميع أموالها فلم تبلغ اليوم الأربعين الا وقد ذاب شحمها أعني من رحمها من الحزن والغم، واتاه الطبيب وأمره ان يبشرها بالسلامة وأخبره بما احتال لها وأمره بمواقعتها فباشرها زوجها فحملت بقدرة الله، واعتل رجل كان مع جالينوس فلما اشتد وجعه بعث إلى جالينوس فاتاه قال فلما رأيت في طاق من طيقان الدار قدرا فيها طبيخ يسقى منه لذات الجنب فقال إني جسست عرق الرجل و تأملته فإذا هو قد سعل سعلة أيضا فقلت له اني أرى عرقك يدل على أن مرضك وجع الجنب فتعجب الرجل من اصابته واقبل يمدحه ويعتذر اليه، وبلغني ان طبيبا أتى رجلا كان يبطل عمل الطب فخرج الرجل اليه وهو منبهر فجس الطبيب عرقه فوجده متتابعا سريعا وقال ليس بين مجلسه والمسافة من الموضع الذي كان فيه ما يتعبه ولا هناك صعود ولا هبوط ولا اعرف علة لنفسه الا الجماع فقال له عرق يدل على انك جامعت الساعة، فتعجب الرجل من قوله وجعل يمدحه ويمدح علمه، فبينما يتكلم إذ نظر الطبيب إلى صفرة على لسانه فقال له وارى أيضا ان عرقك يدل على انك تناولت شيئا فيه الزعفران فازداد الرجل عجبا به واطنابا في وصف الطب، وكان شيخ من مشيخة اهل فارس في دهرنا أيضا مذكورا بالطب وكان له حيل ولطافات وذلك أنه كان يدخل إلى المريض فيجس عرقه وينظر إلى مائه ثم ينظر إلى أغلب فاكهة أو طعام على
(٥٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 534 535 536 537 538 539 540 541 542 543 544 ... » »»