خزانة الأدب - البغدادي - ج ٣ - الصفحة ١٨٨
* ضيف ألم برأسي غير محتشم * والسيف أحسن فعلا منه باللمم * * ابعد بعدت بياضا لا بياض له * لأنت أسود في عيني من الظلم * * بحب قاتلتي والشيب تغذيتي:
* هواي طفلا وشيبي بالغ الحلم * * فما أمر برسم لا أسائله * ولا بذات خمار لا تريق دمي * * تنفست عن وفاء غير منصدع * يوم الرحيل وشعب غير ملتئم * * قبلتها ودموعي مزج أدمعها * وقبلتني على خوف فما لفم * * فذقت ماء حياة من مقبلها * أو صاب تربا لأحيا سالف الأمم * قوله: ضيف ألم برأسي الخ عنى بالضيف الشيب. والمحتشم: المنقبض المستحي. يريد: أن الشيب ظهر في رأسه دفعة من غير أن يظهر في تراخ. وهذا معنى قوله: غير محتشم. ثم فضل فعل السيف بالشعر على فعل الشيب به لأن الشيب أقبح ألوان الشعر. وهذا مأخوذ من قول البحتري:
* وددت بياض السيفيوم لقينني * مكان بياض الشيب منه بمفرقي * وقوله: ابعد بعدت بياضا الخ دعاء على الشيب. وبعد يبعد من باب فرح: إذا هلك وذل.
والبياض الأول: الشيب والثاني: الرونق والحسن. وأسود نا: واحد السود. والظلم: الليالي الثلاث في آخر الشهر. يقول لبياض شيبه: أنت عندي واحد من تلك الظلم. كقول أبي تمام فيه:
* له منظر في العين أبيض ناصع * ولكنه في القلب أسود أسفع * وقيل: أسود أفعل تفضيل جاء على مذهب الكوفيين. وهذا من أبيات مغني اللبيب.
وقوله: بحب قاتلتي الخ عنى بقاتلته حبيبته. يعني: أن حبها بقتله. والباء من صلة التغذية.
يقول: تغذيت بهذين: الحب والشيب. ثم فسر ذلك بما بعده. يقول: هويت وأنا طفل وشبت) حين احتلمت لشدة ما قاسيت من الهوى: فصار غذائي. فقوله: هواي مبتدأ وطفلا حال سد مسد الخبر ومثله ما بعده. وقد فصل بهذا ماأجمله أولا لأنه بين وقت العشق ووقت الشيب.
(١٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 ... » »»