لأنهم يمسكون مالا تمسكه الجبال الراسية وربما دل على الغايات والمطالب لان الطالع إليه لا يصعد إلا بجاهه فمن رأى نفسه فوق جبل أو مسندا إليه أو جالسا في ظله تقرب من رجل رئيس واشتهر به واحتمى به إما سلطان أو فقيه عالم عابد ناسك فكيف به إن كان فوقه يؤذن أذان السنة مستقبل القبلة أو كان يرمى عن قوس بيده فإنه يمتد صيته في الناس على قدر امتداد صوته وتنفذ كتبه وأوامره إلى المكان الذي وصلت إليه سهامه وإن كان من رأى نفسه عليه خائفا في اليقظة أمن وإن كان في سفينة نالته في بحره شدة وعقبة يرسى من أجلها وكان صعوده فوقه عصمة لقوله تعالى - سآوي إلى جبل يعصمني من الماء - قال ابن سيرين الجبل حينئذ عصمة إلا أن يرى في المنام كأنه فر من سفينة إلى جبل فإنه يعطب ويهلك لقصة ابن نوح وقد يدل ذلك لمن لم يكن في يقظته في سفينة ولا بحر على مفارقة رأى الجماعة والانفراد بالهوى والبدعة فكيف إذا كان معه وحش الجبال وسباعها أو كانت السفينة التي فر منها إلى الجبل فيها قاض أو رئيس في العلم أو إمام عادل وأما صعود الجبال فإنه مطلب يطلبه وأمر يرومه فيسئل عما قدهم به في اليقظة أو أمله فيها من
(٦٤)