من فقه الجنس في قنواته المذهبية - الدكتور الشيخ أحمد الوائلي - الصفحة ٨٨
هذه الأمة، وزعم أن الواو جامعة، وعضد ذلك بان النبي نكح تسعا وجمع بينهن في عصمته، والذي صار إلي هذه الجهالة وقال هذه المقالة: الرافضة وبعض أهل الظاهر، فجعلوا مثني مثل اثنين وكذلك ثلاث ورباع، وهذا كله جهل باللسان والسنة، ومخالفة لاجماع الأمة، إذ لم يسمع عن أحد من الصحابة ولا التابعين أنه جمع في عصمته أكثر من أربع، واخرج مالك في الموطأ والنسائي والدار قطني في سننهما أن النبي قال لغيلان بن أمية الثقفي - وقد أسلم وتحته عشر نسوة -: اختر منهن أربعا وفارق سائرهن.
واما ما أبيح من ذلك للنبي صلى الله عليه وآله، فذلك من خصوصياته، واما قولهم: إن الواو جامعة فقد قيل ذلك لكن الله خاطب العرب بأفصح اللغات، والعرب لا تدع أن تقول تسعة، وتقول: اثنين وثلاثة وأربعة، وكذلك تستقبح ممن يقول: أعطي فلانا أربعة وستة وثمانية ولا تقول ثمانية عشر، وانما الواو في هذا الموضع بمعنى بدل، أي انكحوا ثلاثا بدلا من مثني، ورباع بدلا من ثلاث، ولذلك عطف بالواو ولم يعطف بأو، ولو جاء ب (أو) لجاز أن لا يكون لصاحب المثنى ثلاث، ولا لصاحب الثلاث رباع.
واما قولهم: إن مثنى تقتضي اثنين، وثلاث ثلاثة، ورباع أربعة: فتحكم بما لا يوافقهم أهل اللسان عليه وجهالة منهم، لان مثني تقتضى اثنتين اثنتين، وثلاث ثلاثة ثلاثة ورباع أربعة أربعة، ولم يعلموا أن اثنين اثنين وثلاثا ثلاثا وأربعا أربعا حصر للعدد، ومثنى وثلاث ورباع بخلافها، ففي العدد المعدول عند العرب زيادة معنى ليس في الأصل وذلك أنها إذا قالت: جاءت الخيل مثنى إنما تعني بذلك اثنتين اثنتين أي جاءت مزدوجة (1). إنتهي باختصاره.
* (هامش) (1) تفسير القرطبي ج 5 ص 17 طبع مصر دار الكتب 1356 ه‍. (*)
(٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 ... » »»