من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم) (١). وهو الذي يقول لأصحابه إن أحبكم إلي يوم القيامة وأقربكم مجلسا أحسنكم أخلاقا، الموطئون أكنافا الذين يألفون ويؤلفون (٢) - فإذا كان الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم قد خوطب بمثل هذا الخطاب (واخفض جناحك للمؤمنين) فمن باب أولى ان يقتدي المؤمن الرسالي بتلك الأخلاق العالية والتحلي بها، تجسيدا لقوله تعالى: ﴿لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة﴾ (٣).
وخفض الجناح في الآية المباركة وأن كان كناية عن التواضع والرفق واللين، إلا أنه ينطوي على معاني أخرى رفيعة تتدفق بالمودة والرأفة والتسامح ونظائر ذلك من مكارم الأخلاق التي لو وجدت طريقها في نفوس المؤمنين وغرست في قلوبهم لمارسوا عملية الانفتاح على الآخرين بأتم وجه، واقتطفوا ثمار سعيهم في إعلاء كلمة الحق، برد الفعل المناسب من الانفتاح عليهم وقبول طرحهم.
وفي السياق ذاته يتقدم هذا الخطاب الجميل خطاب آخر، له جرس آخر ووقع آخر، ذلك قوله تعالى: ﴿فاصفح الصفح الجميل﴾ (4). وهو العفو من غير عتاب (5)!