بعدي، أنت كالبيت تؤتى ولا تأتي، إن جاءوك وبايعوك فاقبل منهم وإلا فاصبر حتى تلقاني مظلوما " لماذا..؟ لأن الله أخبر نبيه بالقرآن بأن الأمة ستنقلب من بعده على عقبيها وسوف لن يثبت إلا القليل. وإذا ما قامت ثورة ودعوة إلى السيف - والعياذ بالله - فسوف يرتد الجميع - وعندئذ فعلى الإسلام السلام.
ماذا قال عباس محمود العقاد في كتابه (1): " آمن علي بحقه في الخلافة، ولكن أراده معا يطلبه الناس ولا يسبقهم إلى طلبه " وقول العقاد هذا غير بعيد عن زهد الإمام (عليه السلام) القائل:
" إن خلافتكم هذه أزهد عندي من عفطة عنز ".. وقد وصف بعض العارفين إعراض الإمام عن الدنيا بقوله: " الدنيا أهون عليه من الرماد في يوم عصفت به الريح، والموت أهون عليه من شرب الماء على الظمأ ". وقيل لمسلمة بن نميل: كيف ترك الناس عليا وله في كل خير ضرس قاطع؟
فقال: لأن ضوء عيونهم يقصر عن نوره.
ماذا قال المقداد بن عمرو الكندي.
ومن ذلك كلام المقداد بن عمرو في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) جاثيا على ركبتيه، يتلهف تلهف من كأن الدنيا كانت له منهلا! وهو يقول: واعجبا لقريش ودفعهم هذا الأمر عن أهل بيت نبيهم! وفيهم أول المؤمنين، وابن عم رسول الله، أعلم الناس، وأفقههم في دين الله، وأعظمهم عناء في الإسلام، وأبصرهم في الطريق، وأهداهم للصراط المستقيم..!! والله لقد زووها عن الهادي المهتدي، الطاهر النقي، وما أرادوا صلاحا للأمة ولا صوابا في المذهب! ولكنهم آثروا الدنيا على الآخرة، فبعدا وسحقا للقوم الظالمين (2). وأما قول أبي ذر الغفاري: " أيتها الأمة المتحيرة بعد نبيها أما لو قدمتم ما قدم الله وأخرتم ما أخر الله، وأقررتم الولاية والوراثة في أهل بيت نبيكم، لأكلتم من فوق رؤوسكم ومن تحت أقدامكم ولما كان ولي الله، ولا طاش سهم من فرائض الله، ولا اختلف اثنان في حكم الله إلا وجدتم