تتلمذا على يد الرسول ويد علي وورثا علم النبوة. وورث علمهم علي بن الحسين، وجاء من بعده محمد الباقر فاشتهرت تسمية الرسول له الباقر لبقرة العلوم وأقر له العلماء بذلك. وجاء من بعده جعفر الصادق فأعلن للباحثين عن الحقائق الشرعية المجردة قائلا " وبملء فيه: (حديثي حديث أبي، وحديث أبي حديث جدي، وحديث جدي حديث أبيه، وحديث أبيه حديث علي بن أبي طالب، وحديث علي حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وحديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قول الله عز وجل) (1). وأكد الإمام جعفر الصادق للناس قائلا ": (ما من شئ إلا وفيه كتاب أو سنة) (2) وإمام أهل بيت النبوة يعرف الكتاب ومحيط بالسنة، وسئل الإمام موسى بن جعفر أكل شئ في كتاب الله وسنة رسوله أم تقولون فيه؟ فأجاب الإمام موسى: (بل كل شئ في كتاب الله وسنة ورسوله) (3) وروي عن الإمام موسى الكاظم قوله: (... فإنا إن حدثنا حدثنا بموافقة القرآن وموافقة السنة إما عن الله وعن رسوله فحدث...).
بمعنى أن الفرصة كانت دائما " مهيأة أمام المسلمين ليأخذوا أحكام الدين الشرعية اليقينية من أئمة أهل بيت النبوة الذين أعدهم الله وأهلهم لهذه الغاية، ولكن دولة البطون وأولياءها قد أبوا ذلك لأنهم لو فعلوه لأذوا أنفسهم، ولأقروا بمرجعية أهل بيت النبوة ولانهار تاريخهم وتهاوت شرعية حكمهم، لذلك ضحوا بالدين الإسلامي ليخفوا آثار أفعالهم وليضمنوا لأنفسهم الاستمرار بقيادة الأمة وتوجيهها بالقوة وفق مناهجهم التربوية والتعليمية التي اخترعوها فسلكوا بالمسلمين الوعر والصعب من الطريق، وتركوا اليسر الإلهي، وكانت النتيجة أن اختفى الجزم واليقين من قاموس الأحكام الشرعية، وحل محلها الظن والتخمين فلا تجد حكما " فقهيا " في مسألة إلا وتجد حكما " في المسألة نفسها يناقضه ويتعارض معه!