البلاد التي كان يحكمها الرسول، ومن الطبيعي أن شخصا " عاديا " لا يمكن أن يقع في هذا (المطب)! فكيف بنبي ورسول مرتبط بالله وبالوحي! ولكن هذه النزعة تتفق تماما " مع توجه الخلفاء وأعوانهم الرامي إلى إبطال مفاعيل الأحكام التي أعلنها الرسول والمتعلقة بشؤون الحكم وإدارة حياة المحكومين.
6 - جاء في بعض كتب الأحاديث (1) أن عبد الله بن عمرو بن العاص كان يكتب كل ما كان يسمعه من رسول الله، فذكر ذلك لبعض الصحابة فقالوا له:
تكتب كل شئ تسمعه من رسول الله مع أن الرسول بشر يتكلم في الغضب والرضى!؟... الخ فأنت ترى أن هذا الفريق من الصحابة يؤمن بأنه ليس كل ما يقوله رسول الله صحيحا "! وكيف يكون صحيحا " والرسول بشر يتكلم في الغضب والرضي! وبالرغم من أن الرسول قد أقسم لهم بأنه لا يخرج من فمه إلا الحق إلا أن عقيدتهم في هذه الناحية لم تهتز (2)! لذلك طلب أول الخلفاء رسميا " من الناس ألا يحدثوا عن رسول الله. وحتى الأحاديث التي كتبها بنفسه عن رسول الله قام بإحراقها احتياطا " لدينه واعتمادا " على القرآن لأن القرآن وحده يكفي (3)، وهكذا فعل الخليفة الثاني، والثالث (4) والأهم من ذلك أنهم قالوا للرسول وجها " لوجه: أن القرآن وحده يكفينا ولا حاجة لنا بوصاياك وكتبك (5) وهكذا تم إبطال كافة أقوال الرسول التي يرى الخليفة أنها غير مناسبة، أو التي تتعارض مع الواقع المفروض!!
وفي أحسن الأحوال صار الرسول مجتهدا " وصار الخليفة مجتهدا " (6). كل ذلك تحت شعار أن الرسول بشر، فلا ينبغي أن يعطي أكبر من حجمه الذي رسموه له!