ولكن وبعد لقائي بعلماء الشيعة وقراءة كتبهم والاطلاع على أدلتهم المقنعة التي هي موجودة في كتبنا غيرت رأيي الأول لما أسفرت الحجة عن وجهها لأنه لا يليق بجلال الله سبحانه أن يترك أمة بدون إمام وهو القائل: (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) كما لا يليق برحمة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يترك أمنه؟ بدون راع، وبالخصوص إذا عرفنا أنه كان يخشى على أمته الفرقة (1) والانقلاب على الأعقاب (2). والتنافس على الدنيا (3) حتى يضرب بعضهم رقاب بعض (4)، ويتبعوا سنن اليهود والنصارى (5).
وإذا كانت أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر تبعث إلى عمر بن الخطاب حين طعن فتقول له: " استخلف على أمة محمد ولا تدعهم بعدك هملا فإني أخشى عليهم الفتنة " (6).
وإذا كان عبد الله بن عمر يدخل على أبيه حين طعن فيقول له: " إن الناس زعموا أنك غير مستخلف، و إنه لو كان لك راعي إبل أو راعي غنم ثم جاءك وتركها رأيت أن قد ضيع فرعاية الناس أشد " (7).
وإذا كان أبو بكر نفسه وهو الذي استخلفه المسلمون بالشورى يحطم هذا المبدأ ويسارع إلى استخلاف عمر من بعده ليقطع بذلك دابر الخلاف والفرقة والفتنة، وهو الأمر الذي تنبأ به علي (عليه السلام) حينما شدد عليه عمر لمبايعة أبي بكر فقال له: