إن المسلم يؤمن بكل هذا ولا يستغرب وقوعه، أفيستغرب وجود المهدي مخفيا لفترة من الزمان لحكمة يريدها الله سبحانه فكل ما ذكره القرآن وهو أضعاف ما ذكرنا في هذه العجالة ليس هو مما جرت به العادة ولا هو معهود لدى الناس، ولا يقدرون عليه ولو اجتمعوا له.
وإنما هو من صنع الله الذي لا يعجزه شئ في الأرض ولا في السماء، ويصدق به المسلمون لأنهم آمنوا بكل ما جاء في القرآن الكريم وبدون استثناء وبدون تحفظ.
على أن الشيعة هم أدرى بأمور المهدي عليه السلام لأنه إمامهم وقد عاصروه وعاشوا معه ومع آبائه، وأهل مكة أدرى بشعابها.
والشيعة يحترمون أئمتهم ويعظمونهم وقد اتخذوا لأئمة أهل البيت قبورا شيدوها والتزموا بزيارتها والتبرك بها، فلو كان الإمام الثاني عشر وهو المهدي سلام الله عليه قد توفي لكان له قبر معروف، ولأمكنهم أن يقولوا بجواز بعثه بعد الموت ما دام هذا الأمر ممكنا كما ذكره القرآن الكريم وخاصة أنهم يقولون " بالرجعة ".
بل تراهم يصرون على أن المهدي سلام الله عليه حي يرزق وهو مخفي لحكمة أرادها الله سبحانه وتعالى قد يعرفها الراسخون في العلم وأولياءهم.
وهم يدعون في صلواتهم أن يجعل الله فرجه الشريف لأن في ظهوره عز المسلمين وسعادتهم وانتصارهم ولأن به يتم الله نوره ولو كره الكافرون.
على أن الخلاف بين السنة والشيعة في أمر المهدي عليه السلام ليس هو خلاف جوهري ما داموا يعتقدون بظهوره في آخر الزمان، وأن عيسى عليه السلام يصلى خلفه، وأنه سيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا، ويملك المسلمون الأرض كلها في زمانه ويعم الرخاء حتى لا يبقى فقير.
ويبقى الخلاف فقط في قول الشيعة بولادته وفي قول السنة بأنه سيولد،