ولكن للأسف الشديد كانت السلطة والقيادة في يد غيرهم الذين اغتصبوا الخلافة بالقوة والقهر وبقتل الصلحاء من الصحابة واغتيالهم كما فعل ذلك معاوية، وبدلوا أحكام الله بما اقتضته مصالحهم السياسية والدنيوية فضلوا وأضلوا وتركوا هذه الأمة تحت الحضيض لم تقم لها قائمة حتى يومنا هذا.
فبقيت تعاليم أئمة أهل البيت مجرد أفكار ونظريات يؤمن بها الشيعة ولم يجدوا لتطبيقها من سبيل إذ أنهم كانوا مطاردين في مشارق الأرض ومغاربها، وقد تتبعهم الأمويون والعباسيون عبر العصور.
وما أن انقرضت الدولتان وأوجد الشيعة مجتمعا عملوا بأداء الخمس الذي كانوا يؤدونه للأئمة سلام الله عليهم خفية، وهم الآن يؤدونه إلى المرجع الذي يقلدونه، نيابة عن الإمام المهدي عليه السلام، وهؤلاء يقومون بصرفه في أبوابه المشروعة، من تأسيس حوزات علمية، ومبرات خيرية ومكتبات عمومية، ودور أيتام وغير ذلك من أعمال جليلة كدفع رواتب شهرية لطلبة العلوم الدينية والعلمية وغيرها.
ويكفينا أن نستنتج من هذا أن علماء الشيعة مستقلون عن السلطة الحاكمة، لأن الخمس يفي بحاجاتهم ويقومون بإعطاء كل ذي حق حقه.
أما علماء أهل السنة والجماعة فهم عالة على الحكام وموظفون لدى السلطة الحاكمة في البلاد، وللحاكم أن يقرب من شاء منهم أو يبعد حسب تعاملهم معه وإفتائهم لمصالحه. فأصبح العالم بذلك أقرب إلى الحاكم منه إلى مجرد عالم!، وهو بعض الآثار الوخيمة التي ترتبت على ترك العمل بفريضة الخمس بمعناها الذي فهمه أهل البيت عليهم السلام.