والرجوع للاجتهاد لما تقتضيه مصلحة الزمان ولما استجد من أمور كانت مجهولة في زمن الأئمة الأربعة.
أما الشيعة فلا يجوزون تقليد الميت ويرجعون في كل أحكامهم إلى المجتهد الحي الجامع للشروط التي ذكرناها سابقا وذلك بعد غيبة الإمام المعصوم والذي كلفهم بالرجوع إلى العلماء العدول في زمن غيبته وحتى ظهوره.
فالسني المالكي مثلا يقول: هذا حلال وهذا حرام على قول الإمام مالك:
وهو ميت منذ أكثر من اثني عشر قرنا، وكذلك يقول السني الحنفي والشافعي والحنبلي لأن هؤلاء الأئمة عاشوا في عصر واحد وتتلمذ بعضهم على بعض.
كما لا يعتقد السني في عصمة هؤلاء الأئمة الذين لم يدعوها لأنفسهم بل جوزوا عليهم الخطأ والصواب ويقولون بأنهم مأجورون في كل اجتهاداتهم فلهم أجران إن أصابوا ولهم أجر واحد إذا أخطأوا.
والشيعي الإمامي مثلا عنده مرحلتان في التقليد:
المرحلة الأولى: وهي زمن الأئمة الاثني عشر وقد امتدت هذه المرحلة ثلاثة قرون ونصف تقريبا، وفيها كان الشيعي يقلد الإمام المعصوم الذي لا يقول برأيه واجتهاده، وإنما بعلم وروايات توارثها عن جده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيقول في المسألة: روى أبي عن جدي عن جبريل عن الله عز وجل.
المرحلة الثانية: وهي زمن الغيبة التي امتدت حتى اليوم فالشيعي يقول هذا حلال وهذا حرام على رأي السيد الخوئي أو السيد الخميني مثلا. وكلاهما حي ورأيهما لا يتعدى الاجتهاد في استنباط الأحكام من نصوص القرآن والسنة على روايات أئمة أهل البيت أولا ثم الصحابة العدول ثانيا وهم عندما يبحثون في روايات أئمة أهل البيت بالدرجة الأولى ذلك لأن هؤلاء الأئمة يرفضون استعمال الرأي في الشريعة ويقولون: ما من شئ إلا ولله فيه حكم، فإذا ما فقدنا حكما في مسألة ما فليس ذلك يعني أن الله سبحانه أهمله، ولكن قصورنا وجهلنا لم يصلا بنا إلى معرفة الحكم - فالجهل بالشئ وعدم معرفته ليس دليلا على عدمه -