وأما الشيعة عندما يقولون بأن الله سبحانه خير عباده في أفعالهم، فلا يتناقضون مع قولهم بأن الخلافة هي باختيار الله وحده (وربك يخلق ما يشاء ويختار، ما كان لهم الخيرة) لأن الخلافة كالنبوة ليست هي من أعمال العباد ولا موكولة إليهم، فكما أن الله يصطفي رسوله من بين الناس ويبعثه فيهم فكذلك بالنسبة لخليفة الرسول، وللناس أن يطيعوا أمر الله ولهم أن يعصوه، كما وقع بالفعل في حياة الأنبياء على مر العصور فيكون العباد أحرارا في قبول اختيار الله، فالمؤمن الصالح يقبل ما اختاره الله، والكافر بنعمة ربه يرفض ما اختاره الله له ويتمرد عليه، قال تعالى:
(فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى، ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى، قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا، قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها، وكذلك اليوم تنسى) (1).
ثم أنظر إلى نظرية أهل السنة والجماعة في هذه المسألة بالذات فسوف لن تلقي باللوم على أحد، لأن كل ما وقع ويقع بسبب الخلافة وكل الدماء التي أريقت والمحارم التي هتكت كل ذلك من الله، حيث عقب بعض من يدعي العلم منهم بقوله تعالى: (ولو شاء ربك ما فعلوه) (2).
أما نظرية الشيعة فهي تحمل المسؤولية كل من تسبب في الانحراف وكل من عصى أمر الله وكل على قدر وزره ووزر من تبع بدعته إلى يوم القيامة (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) قال تعالى: (وقفوهم إنهم مسؤولون) (3).