ب - مسير في كل ما يحيط به من نواميس الكون وحركته الخاضعة كلها لمشيئة الله سبحانه بكل أجزائها ومركباتها وأجرامها وذراتها، فالإنسان ليس له أن يختار جنسه من ذكورة وأنوثة ولا أن يختار لونه فضلا عن اختيار أبويه ليكون في أحضان أبوين موسرين بدلا من أن يكونوا فقراء، ولا أن يختار حتى طول قامته وشكل جسده.
فهو خاضع لعدة عوامل قاهرة (كالأمراض الوراثية مثلا) ولعدة نواميس طبيعية تعمل لفائدته بدون أن يتكلف فهو ينام عندما يتعب ويستيقظ عندما يرتاح، ويأكل عندما يجوع ويشرب عندما يعطش، ويضحك وينشرح عندما يفرح، ويبكي وينقبض عندما يحزن، وفي داخله معامل ومصانع تصنع الهرمونات والخلايا الحية، والنطف القابلة للتحول، وتبني في نفس الوقت جسمه في توازن منسق عجيب، وهو في كل ذلك غافل لا يدري بأن العناية الإلهية محيطة به في كل لحظة من لحظات حياته بل وحتى بعد مماته! يقول الله عز وجل في هذا المعنى:
(أيحسب الإنسان أن يترك سدى، ألم يك نطفة من مني يمنى، ثم كان علقة فخلق فسوى فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى) (1).
بلى، سبحانك وبحمدك ربنا الأعلى أنت الذي خلقت فسويت وأنت الذي قدرت فهديت وأنت الذي أمت ثم أحييت، تباركت وتعاليت، فتعسا وبعدا لمن خالفك ونأى عنك ولم يقدرك حق قدرك.
ولنختم هذا البحث بما قاله الإمام علي بن موسى الرضا وهو الإمام الثامن من أئمة أهل البيت عليهم السلام وقد اشتهر بالعلم في عهد المأمون ولم يبلغ