يطلبون الدنيا بعمل الآخرة، يلبسون جلد الضأن تحتها الذئاب والنمور، ليظن الناس أنهم من الزاهدين في الدنيا يراؤون الناس بأعمالهم ويسخطون الله بسرائرهم، فادعوا الله أن يقضي لهذه الأمة بالخير والإحسان فيولي أمرها خيارها وأبرارها ويهلك فجارها وأشرارها، ارفعوا أيديكم إلى ربكم وسلوه ذلك، فيفعلون ".
ويكفيه أنه جمع بني هاشم جميعهم في سجن عارم، وأراد أن يحرقهم بالنار فجعل في فم الشعب حطبا كثيرة، فأرسل المختار أبا عبد الله الجدلي في أربعة آلاف فارس فما شعر بهم ابن الزبير إلا والرايات تخفق بمكة فأخرج الهاشميين قال المسعودي: " وكان عروة بن الزبير - من أعلام الرواة والمحدثين - يعذر أخاه عبد الله في حصر بني هاشم في الشعب وجمعة الحطب ليحرقهم ويقول: إنما أراد بذلك أن لا تنتشر الكلمة ولا يختلف المسلمون وأن يدخلوا في الطاعة فتكون الكلمة واحدة، كما فعل عمر بن الخطاب ببني هاشم لما تأخروا عن بيعة أبي بكر فإنه أحضر الحطب ليحرق عليهم الدار " (1).
إننا أمام واقع لا بد من إيراده، كما هو، بغض النظر عما لدنيا من انطباع وتخيلات عن هذا الشخص أو ذلك. كان ابن الزبير يشكل نموذجا اختلط فيه الدين بالأهواء، نموذج يتكرر على مدى الأزمنة وخاصة في زماننا هذا: حيث يستفيد أمثال هؤلاء " الذين طلبوا الدنيا بعمل الآخرة " من حالات الخلخلة التي تمر بها المجتمعات الإسلامية