الحسين عليه السلام: هو نموذج عبد الله بن الزبير، ذلك الذي قال عنه أمير المؤمنين علي عليه السلام " ما زال الزبير رجلا منا أهل البيت حتى نشأ ابنه المشؤوم عبد الله " (1) فهو صاحب موفق قد تركت بصماتها في التاريخ، إذ لعب دورا رئيسيا في تأجيح نار الفتنة في واقعة الجمل فيذكر أصحاب التاريخ أن عائشة دعت ابن عمر يوما وقالت له: " يا أبا عبد الرحمن، ما منعك أن تنهاني عن مسيري؟ قال: رأيت رجلا قد غلب عليك ورأيتك لا تخالفينه - يعني عبد الله بن الزبير - فقالت: أما إنك لو نهيتني ما خرجت " (2).
وها هو يرى في هلاك معاوية واستخلاف يزيد فرصة كبرى لا بد من انتهازها ليبلغ ما يتمناه من الملك والخلافة، كما روى عنه الشعبي: " رأيت عبد الله بن الزبير قام في الحرم فالتزم الركن وقال اللهم إنك عظيم ترجى لكل عظيم، أسألك بحرمة وجهك وحرمة عرشك وحرمة بيتك إلا تخرجني من هذه الدنيا حتى إلى الحجاز ويسلم على بالخلافة " (3).
وشتان بين الحالين، حال الإمام الحسين الذي يضحي بنفسه شهيدا في الأرض كربلاء وبين هذا الرجل الذي يختار الحرم المكي موفقا ملائما لبدء تأسيس دولة بغض النظر عن النتائج الوخيمة التي تحل بيت الله الحرام، وهو عين ما حذر منه الإمام الحسين عليه السلام