هدنة في صراع يمتد قرونا بويع الإمام الحسن، (عليه السلام) بالخلافة، بعد استشهاد أمير المؤمنين علي، (عليه السلام) عام (40 ه / 661 م). وقد زاغت الأبصار، وبلغت القلوب الحناجر، ولم يعد للقوم صبر ولا رغبة في قتال القاسطين أحب القوم الحياة ورغبوا فيها، يستوي لديهم أن يكون قائدهم عليا أو معاوية، بل لعل معاوية أصلح لدنيا بعض الذين لم يعد لهم إلا الحياة الدنيا.
أمر القائد الجديد جيشه وأتباعه بأن يستعدوا للقتال فخطبهم قائلا: " أما بعد، فإن الله كتب الجهاد على خلقه، وسماه كرها، ثم قال لأهل الجهاد من المؤمنين: اصبروا إن الله مع الصابرين، فلستم، أيها الناس نائلين ما تحبون إلا بالصبر على ما تكرهون. أخرجوا رحمكم الله إلى معسكر كم بالنخيلة حتى ننظر وتنظروا ونرى وتروا. قال: وإنه في كلامه ليتخوف خذلان الناس له، قال: فسكتوا فما تكلم منهم أحد، ولا أجابه بحرف. فلما رأى ذلك عدي بن حاتم، قام فقال: أنا ابن حاتم! أين خطباء مضر الذين ألسنتهم كالمخاريق في الدعة؟! فإذا جد الجد فرواغون كالثعالب، أما تخافون مقت الله ولا عيبها وعارها؟ " (1).