راغبا فيه وهو الشهادة فقال: " الحمد لله وما شاء الله، ولا قوة إلا بالله، وصلى الله على رسوله فخط الموت على ولد آدم فخط القلادة على جيد الفتاة، وما ألهني إلى أسلافي اشتياق يعقوب إلى يوسف، وخير لي مصرع أنا لاقيه كأني بأوصالي تقطعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء فيملأن مني أكراشا جوفا وأجربة سغبا. لا محيص عن يوم خط بالقلم، رضى الله رضانا أهل البيت نصبر على بلائه ويوفينا أجر الصابرين، لن تشد عن رسول الله لحمته وقي مجموعة له في حظيرة القدس تقر بهم عينه وينجز لهم وعده، ومن كان باذلا فينا مهجته وموطنا في لقاء الله نفسه فليرحل معنا فإني راحل مصبحا إن شاء الله تعالى " (1).
جاء الناصحون، من كل اتجاه، يقدمون للإمام ما يرون أنه الرؤية الصائبة، منهم من ينصح له بعدم الخروج ومنهم من ينصحه بالامتناع بالحرم المكي، مثل محمد بن الحنفية، فأجابه الحسين عليه السلام: " يا أخي، أخشى أن يقاتلني أجناد بني أمية في حرم مكة، فأكون كالذي يستباح حرمه في حرم الله. فقال محمد: با أخي فسر إلى اليمن أو إلى بعض النواحي فإنك أمنع الناس. فقال الحسين عليه السلام:
يا أخي لو كنت في حجر هامة من هوام الأرض لاستخرجوني منه حتى يقتلوني ثم قال له: يا أخي سأنظر في ما قلت. فلما كان وقت السحر عزم الحسين على الرحيل إلى العراق، فجاءه أخوه محمد وأخذ بزمام ناقته التي هو راكبها وقال: يا أخي ألم تعدني النظر في ما أشرت به