ثم هلك معاوية، وكشرت الأفعى الأموية عن أنيابها، فأرسل يزيد رسالة إلى عامله على المدينة الوليد بن عتبة بن أبي سفيان، وجاء في صحيفة ملحقة بها " كأنها أذن فأرة ": " أما بعد، فخذ حسينا وعبد الله بن عمرو وعبد الله بن الزبير بالبيعة أخذا شديدا، ليس فيه رخصة حتى يبايعوا، والسلام " (1).
فلما وصلت الرسالة، استشار الوليد مروان بن الحكم " وقال:
كيف ترى أن نصنع؟ قال: فإني أرى أن تبعث الساعة إلى هؤلاء النفر فتدعوهم إلى البيعة والدخول في الطاعة، فإن فعلوا قبلت منهم وكففت عنهم، وإن أبوا قدمتهم فضربت أعناقهم، قبل أن يعلموا بموت معاوية، فإن علموا بموته وثب كل امرئ منهم في جانب، وأظهر الخلاف والمنابذة. فأرسل الوليد إلى الحسين، عليه السلام، وإلى ابن الزبير يدعو هما فقالا له: انصرف، الآن نأتيه. ثم أقبل أحدهما على الآخر، فقال عبد الله بن الزبير للحسين: ما تراه بعث إلينا في هذه الساعة التي لم يكن يجلس فيها؟، فقال، حسين: قد ظننت أن طاغيتهم قد هلك، فبعث إلينا ليأخذنا بالبيعة قبل أن يفشو في الناس الخبر. فقال: وأنا ما أظن غيره. قال: فما تريد أن تصنع؟، قال:
أجمع فتياني الساعة ثم أمشي إليه، فإذا بلغت الباب احتبستهم عليه ثم دخلت عليه، وأنا على الامتناع قادر. فذهب الحسين بن علي إلى دار الوليد فجلس فأقرأه الوليد الكتاب، ونعى له معاوية ودعاه إلى البيعة،