وفي الطريق إلى العراق، جاءه نعي مسلم بن عقيل وهاني بن عروة فنظر إلى بني عقيل فقال: " ما ترون فقد قتل مسلم؟، فقالوا:
والله ما نرجع حتى نصيب ثارنا أو نذوق ما ذاق. فأقبل عليهم الحسين عليه السلام فقال: لا خير في العيش بعد هؤلاء. ثم التقاه الحر بن يزيد الرياحي فخطب فيهم: أيها الناس، إني لم آتكم حتى أتتني كتبكم وقدمت علي رسلكم أن اقدم علينا فليس لنا إمام لعل الله أن يجمعنا وإياكم على الهدى والحق، فإن كنتم على ذلك فقد جئتكم فاعطوني ما اطمئن إليه من عهودكم ومواثيقكم، وإن لم تفعلوا وكنتم لمقدمي كارهين انصرفت عنكم إلى المكان الذي جئت منه إليكم. فسكتوا عنه ولم يتكلم أحد ".
ثم خطب خطبة أخرى، بعد صلاة العصر، فحمد الله وأثنى عليه وقال: " أما بعد، أيها الناس فإنكم إن تتقوا الله وتعرفوا الحق لأهله يكن أرضى لله عنكم، ونحن أهل بيت محمد أولى بولاية هذا الأمر عليكم من هؤلاء المدعين ما ليس لهم، والسائرين فيكم بالجور والعدوان، فإن أبيتم إلا الكراهة لنا والجهل بحقنا وكان رأيكم الآن غير ما أتتني به كتبكم وقدمت علي به رسلكم انصرفت عنكم. فأجابه الحر: إني والله ما أدري ما هذه الكتب والرسل التي تذكر. فقال عليه السلام لبعض أصحابه: يا عقبة بن سمعان أخرج الخرجين اللذين فيهما كتبهم إلي. فأخرج خرجين مملوئين صحفا فنشرت بين يديه ".
ثم مضى الحسين عليه السلام حتى انتهى إلى قصر بني مقاتل، فنزل فإذا هو بفسطاط مضروب فقال: " لمن هذا؟، فقيل: لعبيد الله بن الحر