ويروى عن عائشة قولها: لا والله ما مست يد رسول الله (ص) يد امرأة قط (1)..
ويروى عن عائشة أيضا قولها: إن هند بنت عتبة قالت: بايعني يا رسول الله؟ قال: " لا أبايعك حتى تغيري كفيك. كأنهما كف سبع " (2)..
وما يتضح لنا من خلال هذا الكم من الروايات أن المجتمع المدني كان يعايش المرأة سافرة الوجه ظاهرة الكفين وأن هذا هو العرف السائد الذي تعامل معه الرسول.. فإذا تبين لنا هذا فإنه يمكن القول إن آيات الحجاب نزلت لمواجهة حالة أخرى ونمط آخر من سلوكيات النساء. ولم تنزل لتحريم الوجه والكفين..
وإذا كانت نسوة المدينة قد بالغن في التستر بعد نزول آيات الحجاب كما أشارت الروايات التي يستند إليها أنصار تحريم كشف الوجه واليدين فتلك مسألة سلوكية تعكس اهتمامهن بأمر الله وتحوطهن في تطبيقه وليس هذا تشريعا للأمة..
وقوله تعالى: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون. وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن..) (3).
وهذا النص الصريح الذي ينهى عن غض البصر يدل دلالة صريحة على أن هناك شئ ظاهر من المرأة يستدعي جذب بصر الرجل نحوها. ألا وهو الوجه والكفين. وهو ما دفع ببعض فقهاء المذاهب الإسلامية إلى القول بأن الوجه والكفين من المرأة ليسا بعورة فلا يجب سترهما وحملوا الروايات التي تشير إلى خلاف ذلك على الندب دون الوجوب مؤكدين أن الوجه والكفين هما المقصودان من قوله تعالى (إلا ما ظهر منها) (4)..