دفاع عن الرسول ضد الفقهاء والمحدثين - صالح الورداني - الصفحة ١٦١
رواية اتخاذ الرسول خاتم الفضة ليراسل به الحكام والملوك من أجل أن يضفوا المشروعية على حكم الخلفاء الثلاثة - أبو بكر عمر عثمان - بوارثتهم خاتم الرسول. ولعل ما يشير إلى ذلك هو تلك الجملة التي أضافها الراوي عن عثمان والتي تريد تبرير انحرافاته وتجاوزاته وإضفاء الشرعية على مواقفه بمحاولة إيهام المسلمين أن ما حدث له كان بسبب فقده خاتم الرسول..
إلا أن حقائق التاريخ تؤكد لنا أن ما حدث في زمن عثمان كان ثورة كاملة المقومات في وجه طاغية تجاوزت انحرافاته حدود الدين والعدل. كما تؤكد لنا أيضا أن فكرة الترتيب الرباعي. أي جعل أبو بكر في مقدمة الخلفاء يليه عمر ويليه عثمان ثم علي. فكرة مختلقة ومن صنع السياسة وليس لها أي سند من الروايات التي يتعبد بها القوم (1)..
يقول الفقهاء: قوله إن رسول الله اصطنع خاتما من ذهب لا شك أن ذلك قبل أن يعلم (ص) حرمته ثم لما علم أن لبسه حرام نزعه ونبذه وحلف أن لا يلبسه أبدا. وقال الزرقاني: طرحه لتحريم لبس الذهب حينئذ على الرجال أو لكراهة مشاركتهم له أو لما رأى من زهوهم بلبسه وجعل فصه في باطن كفه لأنه أبعد من الاعجاب والزهو (2)..
وهذا القول ليس إلا محاولة للي عنق النص وانتزاع الحرمة منه ولو كان ذلك على حساب الرسول. فالفقهاء بقولهم هذا قد طعنوا في الرسول واتهموه بالجهل وعدم معرفة الحلال والحرام. وحسب قولهم هذا يكون الرسول قد شرب الخمر وأكل الربا وفعل سائر المحرمات قبل أن يعلم حرمتها..
ومثل هذا القول إنما هو ناتج من رؤيتهم لشخص الرسول (ص) كما صورت الروايات تلك الرؤية المنقوصة التي تصور الرسول بالانفصام. فمن ثم يمكن حمل مثل هذه السلوكيات - ممارسته الحرام قبل علمه به - على الجانب البشري من شخصيته أي الجانب غير المعصوم..

(١) أنظر لنا كتاب السيف والسياسة. وانظر الفتنة الكبرى لطه حسين. وانظر كتب التاريخ.
(2) مسلم. هامش باب في طرح خاتم الذهب.
(١٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 ... » »»
الفهرست