دفاع عن الرسول ضد الفقهاء والمحدثين - صالح الورداني - الصفحة ١٦٥
وروي: " خالفوا المشركين وفروا اللحى واحفوا الشوارب " (1)..
ومن هذين النصين وغيرهما قال الفقهاء بوجوب إطلاق اللحية وتحريم حلقها واختلفوا في مقدارها وطولها. وأخذ البعض بمقياس ابن عمر وهو حد القبضة باليد أي أن طول اللحية لا يجب أن يتجاوز قبضة اليد حسب مذهب ابن عمر. واختلفوا في شعر الوجه هل هو من اللحية أم لا؟ فأدخل بعضهم شعر الوجه في دائرة اللحية. وقال آخرون بعدم شمول اللحية له. إلا أن ما يستوقفنا هنا هو: كيف استنبط الفقهاء من روايات اللحية حكم تحريم حلقها؟
والجواب أن الفقهاء اعتبروا قول الرسول: وفروا اللحى. واعفوا اللحى أمر والأمر واجب امتثاله ومخالفته تعني الوقوع في الحرمة. وبالتالي دخلت اللحية دائرة التشريع وحمل الرسول أمر تبليغ حكمها للأمة..
وإذا كان الرسول قد بلغ الأمة أمر اللحية عن طريق الوحي فأين هي الإشارات القرآنية التي تدعم هذا الأمر. وما دامت لا توجد نصوص قرآنية تدعم أمر اللحية فإن هذا يعني أن أمرها من اختلاق الرسول وإضافاته. وإذا كان الفقهاء قد باركوا هذا الأمر فإن هذا يعني أيضا أنهم قد أدخلوا الرسول دائرة التشريع. فإن أقروا بغير ذلك. فمعنى هذا أن مسألة اللحية لا صلة لها بحدود الشرع وهي لا تخرج عن كونها عادة وليست عبادة..
إن عادة إطلاق اللحى كانت شائعة في الجاهلية عند العرب وكل ما فعله الرسول هو أنه أقر هذه العادة. إلا أن الرواة اخترعوا لها الروايات لشغل الأمة بالشكليات وإبعادها عن الاهتمام بجوهر الدين حتى يفسحوا الطريق أمام الحكام ثم جاء الفقهاء فاشتقوا لها الأحكام وضخموها لأن مثل تلك الأمور كانت شغلهم الشاغل في ظل واقع عزل فيه الإسلام عن دوره وجوهره..
وفيما يتعلق بالأضرحة وزيارتها يروى أن رسول الله (ص) قال: " لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " (2)..

(1) مسلم كتاب الطهارة. والبخاري كتاب اللباس.. وانظر النسائي كتاب الزينة..
(2) مسلم كتاب المساجد..
(١٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 ... » »»
الفهرست