ويدل على ذلك الاستثناء الذي أشار إليه عمر في روايته بجواز لبس الملابس التي تحوي قدرا من الحرير..
ويدل على ذلك أيضا أن الحرير كان يباع في المدينة وعلى باب مسجد رسول الله أية كما تشير رواية عمر الثانية والتي عرض فيها عمر على الرسول أن يشتري حلة من حرير فقال إنما يلبس هذه من لا خلاق له في الآخرة.
وهذا النص لا يشير إلى التحريم وإنما يشير إلى الكراهة..
ثم إن الرسول بعد ذلك جاءته حلل من حرير فقبلها - كما ذكرت الرواية وأهدى منها واحدة لعمر مما دفع بعمر إلى الاستفسار من الرسول عن سبب هذا التناقض في موقفه.
فهل كان من الممكن للرسول أن يسلك هذا السلوك لو كان الحرير حراما..؟
وتدخل بنا رواية لبس الرسول للحرير والصلاة به إلى مدار آخر أكثر صراحة في أن الحرير لا يدخل مجال التحريم ولو كان ذلك صحيحا لنبذه الرسول بداية وما لبسه. وما صلى فيه.. وهو بنزعه له بعد الصلاة وقوله: " لا ينبغي هذا للمتقين " يؤكد لنا أن المسألة لا تخرج عن طور الكراهة ولو تم تأويل الرواية بغير هذه الوجهة لكان فيها اتهام مباشر للرسول بارتكاب المحرم والاصرار عليه بلبسه الحرير ثم الصلاة فيه..
أما رواية إباحة الحرير لعبد الرحمن بن عوف والزبير لإصابتهما بالجرب فهي مردودة لعدة أوجه:
الأول: أن هناك روايات تنهى عن التداوي بالمحرمات. فإذا كان الحرير حراما فلا يجوز التداوي به..
الثاني: أن النبي يمكن أن يصف لهما دواءا آخر وهو يروي عنه الكثير من الروايات الطبية التي يدين بها القوم.
الثالث: أن ابن عوف والزبير من أثرياء الصحابة والحرير كما هو معروف مرتفع الثمن. فهل هذا يعني أنهما اختاراه بأنفسهما ووافقهما عليه الرسول لكونهما