ويروى: أهدي إلى النبي (ص) مزوج حرير فلبسه فصلى فيه. ثم انصرف فنزعه نزعا شديدا كالكاره له. وقال: " لا ينبغي هذا للمتقين " (1)..
ويروى أن النبي رخص لعبد الرحمن بن عوف والزبير في قميص من حرير.
من حكة كانت بهما (2)..
إن ما تهدف إليه هذه الروايات الوصول إلى الحكم بتحريم الحرير وأن الفقهاء قد قاموا على ضوء هذه الروايات بتقنين هذا التحريم. لكن السؤال هنا:
هل هذه الروايات تفيد التحريم وتقطع به..؟
والإجابة سوف تتضح لنا من خلال استعراض الروايات..
الرواية الأولى تنهى عن لبس الحرير والديباج والإستبرق والمياثر والقسي ولم تنه عن الحرير وحده. وهذا يعني أن التحريم شملهم إلا أن جميع الروايات تركز على تحريم الحرير وحده. فهل هذه الإضافة من الرواة أو أن هذه الأنواع من الملابس ليست حراما ولأجل ذلك أغفلتها الروايات الأخرى..؟
وفي كلتا الحالتين هذا أمر يثير الشك في مثل هذه الروايات..
وبالتدقيق في نصوص القرآن لا نجد أية إشارة إلى تحريم الحرير وهذا يعني أن أمر التحريم خاص بالروايات وحدها وهو بمثابة إضافة حكم جديد فوق أحكام القرآن..
وفي الرواية الثانية نكتشف أن التحريم خاص بالحياة الدنيا وأنه مباح في الآخرة..
والرواية الثالثة تؤكد أن من لبسه في الدنيا لن يلبسه في الآخرة ومثل هذا يشير إلى أن المسألة لا تأخذ وضع الحكم الشرعي الذي يؤدي بمخالفه إلى النار وإنما هي لا تخرج عن طور الكراهة لأسباب اجتماعية أو اقتصادية خاصة بمجتمع الرسول..